كيف تتوالد الضاد في زمن النت؟


بدءاً من اليوم، تنظّم «الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية ـ أشكال ألوان» منتدى يناقش تأثير العالم الافتراضي على كلّ من العربية الفصحى واللهجات العامية بمشاركة مجموعة من الأكاديميين والباحثين والصحافيين والفنانين، على أن تتوّج الورشة بكتاب يصدر في الخريف المقبل. 
تحتلّ العربية اليوم المركز الرابع عالمياً ضمن أكثر اللغات استخداماً على الشبكة العنكبوتية بعد الإنكليزية والصينية والإسبانية. قد يبدو الأمر بديهياً إذا ما أحصينا عدد الناطقين بها في البلاد العربية الـ 12، إضافة إلى عوامل أخرى. لكن هذا النمو يعود أيضاً إلى أسباب عدة منها تبلور خيار لدى الناطقين بالعربية بالتفاعل مع الشبكة العنكبوتية عبر لغتهم الأم، بعدما كانت الإنكليزية أو الفرنسية اللغتين المستخدمتين. أثرت الثورات العربية في تزايد الناشطين على مواقع التواصل واستخدامهم العربية بهدف الوصول إلى أوسع شريحة ضمن أوطانهم. كذلك، تنامى أخيراً دور مؤسسات عربية تعنى بإغناء محتوى اللغة العربية على الويب.
وإذا كانت العقود الأخيرة غارقة في التحسر على انخفاض مستوى قراءة الأدب العربي، واتهام الشباب بأنه غير مهتم بلغته وتطويرها، فإن واقع اللغة العربية على الشبكة يشير إلى العكس: الشباب العربي ربما يبحث عن فضاءات أخرى لممارسة جديدة للغته الأم أولها الفضاء الافتراضي. ضمن هذا السياق، تنظّم «الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية - أشكال ألوان» اليوم منتدى «اللغة العربية وشبكات التواصل». يشرف على الحدث اللغوي والمؤرخ اللبناني أحمد بيضون الذي يقدم اليوم ندوة الافتتاح بعنوان «عامّياتٌ يُكْتَب بها وفصحى حواريّة؟ (تأمّلٌ في عربية الفايسبوك)» وتشاركه في الإشراف منال خضر.
المنتدى عبارة عن ورشة عمل تناقش على مدى ثلاثة أيام، تأثير العالم الافتراضي على كلّ من العربية الفصحى واللهجات العامية وعلى العلاقة بينهما. تتوّج الورشة بكتاب يصدر في خريف ٢٠١٥، يضمّ نسخاً مطوّرة لمجموع أوراق الورشة. يعرّف القائمون المنتدى بأنّه مشروع لمحاولة الرد على سؤال يتردد في أوساط المعنيين باللغة العربية: هل باتت لغتنا بالية وآيلة إلى الانحسار في ظل عالم سريع، مع كل التحديات التي تواجهها في العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي؟ المساهمون في المؤتمر ليس جلّهم من الأكاديميين، بل هم أيضاً يمارسون اللغة العربية في حقول مختلفة من الرواية إلى المسرح إلى الكتابة الصحافية.
كما تشتمل ورشة العمل على عرض أدائي للمسرحي اللبناني يحيى جابر بعنوان «هذا حائط ١٩٧٥- ٢٠١٥» عن تطور لغة  الشعارات على حيطان المدينة وصولاً إلى تطورها مع لغة حائط فايسبوك. يرافق العرض موسيقى حية مع طارق بشاشة. أما ختام المنتدى، فيترك لشخصيّة اشتهرت بلقب «مليونيرة الويبة» التي فرضت وجودها على المساحة الافتراضية خلال السنوات الأخيرة من مصر إلى سائر الدول العربية... إنّها أبلة فاهيتا وهي موضوع الندوة الأخيرة التي يقدّمها الباحث الأكاديمي والمترجم للأدب العربي التراثي والحديث فريديريك لاغرنج، تحت عنوان «مقاربة لغوية لدمية وقحة». أكثر من ذلك، ستحضر أبلة فاهيتا خصيصاً إلى بيروت لتقديم عرض حيّ وإقامة أوّل نقاش مباشر لها مع الجمهور. ولهذه المناسبة، اختارت اطلالة خاصة من توقيع مصمّم الأزياء اللبناني كريكور جابوتيان. ليس خيار اختتام الندوة مع أبلة فاهيتا بديهياً، بل إنّه يدلّ على نيّة صريحة من قبل القائمين على المنتدى بتقديم تلك الظاهرة، إلى جانب اللغويين والأكاديميين والأدباء ضمن نقاش يدور حول أثر شبكات التواصل على اللغة العربية. خلال السنوات الأخيرة، استحدثت الأبلة مفردات خاصة ضمن اللغة العربية تتداولها في مشاهدها على يوتيوب وتويتر وفايسبوك. مفردات تبنّاها وتداولها جمهورها الواسع والمتفاعل معها.
ضمن البرنامج أيضاً، تقام ندوات حول «اللغة والعنف في الخطاب الإلكتروني لتنظيم الدولة الإسلامية» مع حسن أبو هنية، و«العامية المصرية: بديلٌ للفصحى أم غيتو لغوي؟» مع منصورة عز الدين، و«في تلاقي وافتراق العربية الفصحى والمحكية اللبنانية: رحلة بين وسائط تقنيّة وفنيّة» مع هلال شومان، و«تراجيديا الكرد واللغة العربية، من سليم بركات حتى الفايسبوك» مع رستم محمود، و«حالات فايسبوكية: المونديال مثالاً- لا مثقف، لا كاتب، لا صحافي: غواية العمومية» مع يوسف بزي.
وبما أنّ المنتدى يتناول أثر شبكات التواصل على العربية، كان لا بدّ من خلق صفحة على فايسبوك وتوتير. الأهمّ أنّه يمكن لكل مهتم بالمنتدى لا يستطيع الوصول إلى بيروت، متابعة جميع فعالياته عبر بث حيّ على موقع المنتدى الإلكتروني والمشاركة في النقاش عبر استخدام هاشتاغ: #اللغة_العربية_اليوم .
منتدى اللغة العربية وشبكات التواصل: من 26 حتى 28 شباط (فبراير) ـــ فضاء «أشكال ألوان» (جسر الواطي - بيروت)ـ


فؤاد الخوري يواصل «مسلسله المصري»

بين الثورة الكامنة في طبيعتها وتاريخها الممتد على طول وادي النيل منذ أولى وأعرق الحضارات، يهدي المصوّر اللبناني أعماله الفوتوغرافيّة إلى شعب سطّر التاريخ بأفعاله. معرضه الحالي في «غاليري تانيت» رحلة بين حكايا الماضي والحاضر، والانتفاضات القديمة وتلك المعاصرة.
ليست مصر مادةً جديدة على صور فؤاد الخوري (1952). نظرة سريعة على أشهر البورتريهات التي التقطها في مسيرته كافية لتبيان حبّ المصوّر اللبناني لمصر وأهلها. الشيخ إمام، أحمد فؤاد نجم، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، يوسف إدريس، صنع الله إبراهيم، شريهان وغيرهم التقطتهم كاميرا الخوري في أجمل البورتريهات. عند دخولك الصالة الأولى والكبرى لمعرضه الحالي «مسلسل مصري» في «غاليري تانيت»، تواجهك على الجدران صور عملاقة لما يمكن تسميته «الأهرامات الطبيعيّة في مصر».
وسط الصالة وعلى عامودين متوازيين، وضع الخوري نصاً على العامود الأول عن حركة تمرّد شهدها العصر الفرعوني في مصر القديمة. وفي مقابله صور التقطها خلال «ثورة ٢٥ يناير» وخلع حسني مبارك في مصر المعاصرة. في النصّ الأول، يستعيد الانتفاضة التي تلت موت الفرعون بيبي الثاني عام ٢١٥٠ قبل الميلاد، حين أقدم حكام المناطق آنذاك على حركة عصيان أدت إلى اكتسابهم استقلالاً ذاتياً يمكنّهم من توريث أبنائهم للسلطة من دون أن يكون للفرعون كلمة في ذلك. تلك كانت أولى الثورات التي خضعت لها القوة العالمية الأولى. 


في مقابلها وفي عام ٢٠١١، نشاهد صوراً صغيرة ملتقطة من إحدى تظاهرات الشعب المصري المعاصر التي أدت إلى تنحي مبارك. أمّا حول الحدثين، وعلى جدران القاعة، فصور عملاقة لطبيعة مصر، تظهر هضبات وتلالاً في الصحراء تتخذ شكل أهرامات نحتتها الطبيعة. هكذا يشير الخوري إلى ذلك الامتداد التاريخي في جبروت شعب مصر المتمرد على السلطة منذ الفراعنة حتى اليوم. ينعكس ذلك حتى في طبيعته، التي هي بدورها راحت تنحت أهراماتها الطبيعيّة كي تسلب الفراعنة ذلك الحق الحصري، وتبقيه امتداداً تاريخياً وطبيعياً حتى اليوم بحقّ الشعب بالتمرد على احتكار السلطة.

أما في الغرفة الثانية للمعرض، فيقدّم الخوري استعادة لمجموعة أقدم التقطها في مصر على طول وادي النيل. خلال عام ١٩٨٩ و١٩٩٠، قام الفنان برحلة أعاد فيها سلوك الطريق ذاته الذي سلكه مكسيم دوكان، وغوستاف فلوبير في مصر عام ١٨٤٩. تلك الرحلة التي تعتبر من أولى مجموعات صور السفر الفوتوغرافية، كانت أيضاً عماداً أساسياً للاستشراق الأوروبي. بعد مرور 150 سنة، يحمل الخوري كاميرته ليمشي على خطى الفرنسيين، ويلتقط مجموعة من الصور على امتداد وادي النيل. صور يقول عنها إنّها «بدأت تدير ظهرها، شيئاً فشيئاً، إلى قصة البداية الاستشراقيّة، وتتحول إلى قصّة خياليّة شخصيّة تستند إلى مصر المعاصرة». تتوزع المجموعة على أربعة أقسام وخاتمة: الضفة الشرقيّة للأحياء (المدن)، الضفة الغربية للأموات (الهياكل)، الغياب (القبور) والتقمّص (كوشوك هانم المرأة المصريّة التي كان فلوبير يحبها).

الصور ملتقطة بالأبيض والأسود، تحملنا معها إلى الآثارات الموزعة على طول النيل. يسيطر على جزء كبير منها طيف امرأة تجول داخل الأهرامات وبين تلك التماثيل الضخمة التي خلفتها الحضارة الفرعونية. ثم ندخل إلى القاهرة، وشوارعها، ومقاهيها وناسها. لا يمكن للكلمات أن تقدم وصفاً محقّاً لتلك السلسلة، فسحرها كامن في التفاصيل الملتقطة في كلّ صورة، وفي وسيلة عرضها صغيرة على امتداد شريط صور يلف القاعة الداخلية في المعرض، فيجول عليها المشاهد كمسافر على خطى فؤاد الخوري على طول وادي النيل. أما لتلك المرأة التي سحرت فلوبير، فيخصص الخوري تصويراً شخصيّاً لامرأة مستلقية على ديوان، تظهر ساقيها وتخفي وجهها وراء مروحة. بين الثورة الكامنة في طبيعة مصر، وتاريخها الممتد على طول وادي النيل منذ أولى وأعرق الحضارات حتى يومنا المعاصر، يهدي فؤاد الخوري في «مسلسل مصريّ» صوره الفوتوغرافيّة إلى شعب سطّر التاريخ بأفعاله ولن يستكين.
* «مسلسل مصري» لفؤاد الخوري: - حتى ٦ آذار (مارس) ــ «غاليري تانيت» (شارع أرمينيا - مار مخايل النهر، بيروت) ـ للاستعلام: 76/557662

جعفر بناهي متوّجاً في برلين : «تاكسي» الأمل في شوارع طهران



فعلها رغم المنع والحظر. وإذا لم يستطع حضور الاحتفال الختامي أول من أمس، فإنّ أحداً لم يقدر على أن يمنعه من صنع الفيلم الذي استحق الجائزة الأولى في الدورة الـ 65 من «مهرجان برلين». رائعة سينمائية تظهر العاصمة الإيرانية كما رآها من سيارته، مع شخصيات يومية توّج نقدها إلى الرقابة والسلطة.

أول من أمس، اختتمت الدورة الـ65 من «مهرجان برلين السينمائي الدولي» متوّجة الإيراني جعفر بناهي (1960) بجائزة «الدب الذهبي» عن فيلمه «تاكسي». لـ«برلين» علاقة مميزة مع بناهي. ضمن المسابقة، قدّم فيلمه «تسلل» لينال عنه «الدب الفضي ـــ جائزة لجنة التحكيم الكبرى» عام ٢٠٠٦، ومن ثم فيلم «ستائر مغلقة» الذي نال عنه «الدب الفضي لأفضل سيناريو» عام ٢٠١٣. كذلك، دعا المهرجان بناهي للحضور كعضو لجنة التحكيم سنة ٢٠١١، إثر صدور حكم سجنه في إيران، ليترك كرسيه فارغاً يومها بين أعضاء اللجنة الآخرين.

غير أن كل من تابع أفلام المسابقة الرسمية في «مهرجان برلين» هذه السنة، كان على يقين أن «الدبّ الذهبي» لن يكون إلا من نصيب «تاكسي». بعيداً عن مواقف التضامن، لا يمكن تجاهل تلك الرائعة التي وصفها مدير اللجنة لهذا العام المخرج دارين أرونوفسكي بـ«رسالة حبّ إلى السينما». 
في ٢٠١٠، صدر بحق بناهي حكم بالسجن في إيران لمدة ست سنوات. منع من السفر وإنتاج الأفلام لـ 20 سنة، بسبب مشاركته في تظاهرات ولـ«عمله الدعائي ضد النظام الإيراني». لكن ذلك الحظر لم يمنعه من مواصلة إنتاج أفلامه. عام ٢٠١١، قدّم «هذا ليس فيلماً»: وثائقي صوّره داخل منزله عبر كاميرات رقمية وبعدسة هاتفه. يومها، هُرِّب الفيلم من إيران على USB داخل قالب حلوى إلى «كان». وفي عام 2013، قدّم «ستائر مغلقة» المصوَّر أيضاً في منزله، ليصل الفيلم بدوره خلسة إلى «مهرجان برلين». لكن هذه المرة، خرج بناهي من خلف ستائر منزله إلى شوارع طهران لتصوير فيلمه عبر كاميرا مخبأة في سيارة تاكسي. كما في فيلم «عشرة» للمعلم الإيراني عباس كياروستامي، تستقبل سيارة الأجرة عدداً من الركاب/ الشخصيات، فيما تجول في شوارع طهران. لكن الفرق الأساسي أنّ سائق التاكسي ليس سوى المخرج نفسه. في تصويره لفيلمه الثالث تحت الحظر، لا يتحدى بناهي النظام الإيراني فحسب، بل يعلن خروجه من منزله إلى شوارع طهران وإعادة استملاك مدينته عبر عدسة كاميرته.

داخل التاكسي، نستقبل مع بناهي شخصيات تتناول كلّ منها موضوعاً اجتماعياً وسياسياً معيناً. في البداية، يصعد سارق، ثم بائع الـ«دي في دي» أوميد المعجب ببناهي المخرج. يصرّ على المضي معه في رحلة طويلة، يقودنا عبرها إلى ذلك الشك المتواصل حول الحدود بين السيناريو المكتوب أو المرتجل. في مرات عدة في الفيلم، وأمام أحداث معينة، يتوجه أوميد إلى بناهي، مؤكداً له أنّه يعلم أن ما حصل الآن ليس سوى سيناريو مركّب، مثل اضطرار بناهي إلى حمل جريح وزوجته إلى المستشفى في سيارته. يصرّ الجريح على تسجيل فيديو وصيّته الأخيرة بتوريث زوجته ممتلكاته بعد موته كي لا يسطو عليها أخوته عبر حقّهم القانوني. هكذا تتابع الأحداث من دون استطاعتنا كمشاهدين أن نلمس بوضوح الخيط الرفيع الفاصل بين الواقع والخيال. في تلك المساحة الضيقة بين الواقع والخيال في السينما، اختار بناهي أن يعيد رسم صورة مدينته وصورة أهلها.
من بين الركاب، نتعرف أيضاً إلى قريبة بناهي الصغيرة (هناء سعيدي) التي يقلّها من أمام باب مدرستها، وتتابع معه الرحلة حتى نهاية الفيلم. في السيارة، تسأل الطفلة عمّها عن كيفية صنع الأفلام ضمن المحظورات التي تفرضها وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، معبّرة عن سخطها لأن عليها تصوير فيلم قصير للمدرسة من دون أن تجد إلى ذلك سبيلاً. على لسان تلك الطفلة ذات الأداء المبهر، ينتقد بناهي بحنكة عبثية المحظورات السينمائية في إيران، وهكذا تفعل شخصيات الفيلم متناولة ومنتقدة أصغر وأكبر التفاصيل السياسية والدينية والاجتماعية في إيران.
لكن المشهد الأجمل يبقى برفقة «السيدة التي تحمل الورود». خلال رحلة الفيلم، تتنبه الطفلة إلى سيدة بجانب الشارع، فتستوقف عمها منادية: أليست هذه «السيدة التي تحمل الورود» التي كانت تزورك دائماً؟ تصعد تلك السيدة مع ورودها إلى سيارة الأجرة، لتحتل المقعد الأمامي إلى جانب بناهي، فيما تتوسط الطفلة الصغيرة المقعد الخلفي. إنها ناشطة ومحامية، تدافع عن المعتقلين السياسيين في إيران، وتحمل دائماً لهم ولأهلهم الورود للتخفيف من آلامهم. عرفها بناهي خلال فترة اعتقاله. أما اليوم، فهي تهتم بقضايا أخرى. في التاكسي، تخبر بناهي عن قصص المعتقلين الذين ترافع اليوم. لكن أجمل ما في تلك المرأة والمشهد، هي تلك الابتسامة التي لا تفارق شفتيها، وإصرارها على الأمل، رغم كل شيء. إنّها السيدة التي تحمل الورود. إنها طهران الجميلة. صورة أبلغ من الشعر، أرادها بناهي في «تاكسي» توكيداً على الأمل، وإصراراً على حبّه لمدينته رغم الظلم الذي يعيشه اليوم. في النهاية، يركن بناهي سيارته ويترجل مع الطفلة للمرة الوحيدة في الفيلم، ويسيران بعيداً عن التاكسي. حينها، يهجم شابان على السيارة، يخلعان الباب، ويكسران الكاميرا داخلها. ينتهي الفيلم على مشهد اختفاء الصورة، وغياب الـ Credits، لعمل من غير المسموح تصويره في إيران اليوم.
لم يستطع بناهي الوصول إلى برلين لتسلّم الجائزة أول من أمس. تسلمتها الطفلة هناء سعيدي عنه. في رسالة سابقة للمهرجان، قال بناهي: «إنني مخرج سينمائي، لا أعرف سوى صناعة الأفلام ولا شيء يمكنه أن يمنعني عن ذلك». لطالما عرف السينمائيون الإيرانيون كيف يتحايلون على المحظورات والمعوقات التي تفرضها الدولة الإسلامية في إيران، وبخلقهم وذكائهم قدّموا روائع سينمائية. اليوم يضاف «تاكسي» إلى تلك الأفلام. شريط يتحدى لوجيستياً المعوقات والمحظورات. أما سينمائياً، فيتحدى أسلوب السرد في الأفلام الروائية. إنه انتصار لبناهي، وأملاً لنا أيضاً بإيران أجمل يوماً ما.