مها مأمون، فيديو «الشهب تذكرني بالمتنصتين» |
افتتحت النسخة البيروتية من المعرض أول من أمس في «مركز بيروت للفن»، بحضور المنظم طارق أبو الفتوح. أهمية هذا الحدث الذي يقام كل سنتين أنّه يدلّ على أن الأسئلة الجيوسياسية التي يطرحها الفنانون المشاركون تختلف شكلاً ولغةً وطرحاً، لكنها تلتقي عند القلق نفسه.
التغيرات التي تطرأ على الآليات الاجتماعية والسياسية المرافقة للثورات العربية، والتغيرات في تشكيل النظام الرأسمالي حول العالم، تشغل الدورة السابعة من «نقاط لقاء». افتتحت النسخة البيروتية من المعرض أول من أمس في «مركز بيروت للفن»، بحضور المنظم طارق أبو الفتوح (مدير «صندوق شباب المسرح العربي»)، والقيّمات الأربع اللواتي أشرفن على الإدارة الفنية، بالإضافة إلى بعض الفنانين المشاركين في المعرض.
«نقاط لقاء» الذي ينظمه «صندوق شباب المسرح العربي» منذ ٢٠٠٤، صار يقام كل عامين بدءاً من ٢٠٠٧، متخذاً شكل البينالي المتنقل بين بلدان عدة بهدف خلق تفاعل بين الفنانين. هذه السنة، دُعي الرباعي للتنسيق الفنّي هنّ: إيفيت كورلين، آنا ديفيك، ناتاشا إيليش وسابينا سابولوفيتش. أسست النساء الأربع تجمّع «ماذا، كيف، ولمن» عام ١٩٩٩ بين زغرب وبرلين، ويدرن حالياً «غاليري نوفا» في زغرب إلى جانب تنسيق المعارض حول العالم.
أما هذه الدورة من «نقاط لقاء»، فحطت رحالها في بيروت بعدما جالت على زغرب والقاهرة وأنتويرب. بعد العاصمة اللبنانية، ستحطّ في هونغ كونغ، ثم فيينا، وأخيراً موسكو. بذلك، يجول المعرض الذي يضمّ أكثر من ٣٠ فناناً على سبع مدن هذه السنة. المحطات غير العربية لم يسبق لـ «نقاط لقاء» أن عرض فيها. علماً أنّ موضوعات المشروع رُتّبت كل مرة بحسب خصوصيات المدينة الموجود فيها وظروفها الجيوسياسية والتاريخية، ليبقى الثابت هو عنوان المعرض «عشرة آلاف خدعة ومئة ألف حيلة». ربطاً بما يحدث اليوم في البلدان العربية والعالم، اقتُبس عنوان المعرض من كتاب «المعذّبون في الأرض» (١٩٦١) للمفكّر الثوري المناضل فرانز فانون الذي مثّل وصية لحركات العالم الثالث في مواجهة الاستعمار والإمبريالية. مع ذلك، يشير القائمون إلى أنّهم يمتنعون عن طرح تأملات متسرعة حول التغيرات الاجتماعية والسياسية الحالية كما عن القيام بتمثيلات إقليمية للعالم العربي.
في مدخل المعرض، يستقبلنا على اليمين «نحن ندعم» للفنان رونو لاغوماس (السويد) حيث يسأل: من نحن؟ ما الذي ندعمه؟. على يساره، نشاهد فيديو للتشيلية سيسيليا فيكونيا حيث تطرح على العابرين في الشارع سؤال «ما الشعر بالنسبة لك؟». تشكل تلك الأسئلة مقدمة المعرض الذي يحاول تقديم قراءة جديدة للأممية تتضمن وعياً للتكيّف المتبادل للنضال الاجتماعي في العالم، بأصوات فنانين من العالم العربي، وأميركا اللاتينية، وخصوصاً أوروبا الشرقية.
من الأعمال المشاركة، يقدم لورنس بو حمدان «خليج اللغة في وادي الصراخ». مقال سمعيّ حول سياسات اللغة وشروط الصوت التي يواجهها المجتمع الدرزي الموجود على الخط الفاصل بين فلسطين وسوريا والأراضي المحتلة. أما مروى أرسانيوس، فتعيد نبش مشروع الإسكان الاجتماعي الذي اقترحه المهندس ومخطط المدن اليوناني قسطنطينوس دوكسياديس لمنطقة المكلس. مشروع لم يبصر النور بسبب اندلاع حرب الـ 1958 في لبنان. تعيد أرسانيوس نبش تفاصيل مشروع الإسكان المقترح، وتعيد تنفيذ نماذج معمارية، محاولةً استكشاف كيفية تفاعل المشروع مع الحاضر ونوعية الأسئلة التي يطرحها على النسيج المعماري والاجتماعي الراهن. في المقابل، تعرض الرسامة اللبنانية سيمون فتال فيديو حميمياً وشاعرياً بعنوان «بورتريه ذاتي» (صورته عام ١٩٧١) مع مشاهد واعترافات شخصية وأخرى لمدينة بيروت بعدما فشلت في رسم البورتريه الذاتي. من القاهرة، تعرض مها مأمون فيديو «الشهب تذكرني بالمتنصتين» المستوحى من سورة من القرآن، مستخدمة مرجعيات وأنماطاً ترتكز على صياغة أدبية ومرئية لفعل الاستماع وحالة المستمع. كما تقدم كتاب «كيف تختفي» من سلسلة مبادرة «كيف تَ» التي أطلقتها مأمون مع آلاء يونس (الأردن). في «كيف تختفي»، يقدم الكاتب هيثم الورداني تمارين عن الاختفاء والظهور، بالإضافة إلى تحليل أصوات أسرة من الطبقة الوسطى. أما في «تقارير مصورّة من محاكمات سياسية حديثة في روسيا»، فتفضح الفنانة فيكتوريا لوماسكو دور الميديا العالمية في انحيازاتها وأجنداتها السياسية، عبر تقارير مصورة أنجزتها خلال حضورها محاكمات سياسية لقضيتين: نالت إحداهما شهرة عالمية وهي قضية فرقة «بوسي ريوت» مقابل التعتيم الإعلامي على قضية نشطاء معارضين لبوتين جرى اضطهادهم بوحشية. في المعرض أعمال أخرى مهمة جداً، لكن تبقى أهمية المعرض في توكيده على أن الأسئلة الجيوسياسية المطروحة من قبل الفنانين تختلف شكلاً ولغةً وطرحاً، لكنها تلتقي عند القلق نفسه.
---
«نقاط لقاء ٧»: حتى ٣ أيار (مايو) ــ «مركز بيروت للفن» (كورنيش النهر) ــ للاستعلام: 01/397018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق