فوتوغرافيا | Open /Rhapsody... كيف نقيّم الصورة اليوم؟

شريهان بعدسة فؤاد الخوري
يفرد «مركز بيروت للمعارض» فضاءه للصورة الفوتوغرافية وبعض الفيديوهات تحت عنوان Open /Rhapsody. المعرض من تنظيم اللبناني طارق نحاس جامع التحف الفنية، خصوصاً الصور الفوتوغرافية، بمشاركة جان لوك مونتيروسو، مدير «البيت الأوروبي للصورة الفوتوغرافية» في باريس.
ما يجمع الأعمال المعروضة ليس مدرسة فنية أو ثيمة معينة، بل انتماؤها إلى مجموعات خاصة لبنانية. هكذا دعا نحّاس بعض مقتني الأعمال الفنية للمشاركة في المعرض عبر تقديم الصور التي يملكونها ضمن مجموعتهم الخاصة.
أما «البيت الأوروبي للصورة الفوتوغرافية»، فشارك أيضاً بأعمال من مجموعة المتحف، خصوصاً الفيديو. بذلك، يشّكل Open / Rhapsody عيّنة عن الأعمال اللبنانية والعالمية المتوافرة ضمن المجموعات اللبنانية الخاصة التي قد تجد طريقها يوماً ما إلى الجمهور حين تتوافر متاحف للصورة والفنون المعاصرة في لبنان.
يقدّم المعرض عدداً كبيراً من الأعمال المتنوعة في أسلوبها ومدارسها الفنية، فنجد صوراً بالأبيض والأسود أو بالألوان، وبورتريهات، ومشاهد طبيعية، منها واقعيّة وأخرى مركبة، وبعضها مفاهيمية، وجميعها تحمل توقيع أهم المصورين والفنانين لبنانيين كانوا أم عالميين. وإذا كنّا لن نتوقف عند أهمية الأعمال المعروضة، إلا أنّ Open /Rhapsody يدفعنا إلى طرح أسئلة أساسية حول فن الصورة الفوتوغرافية: هل ما زالت الصورة، تحديداً الكلاسيكية، قادرة على تقديم أي جديد؟ لم يعد يكفي اليوم أن تكون الصورة جميلة في تركيبتها وألوانها وإضاءتها وجميع تلك التفاصيل التقنية الكلاسيكية التي كانت دوماً تؤلف المعايير الفنية الأساسية لتقييم الصورة. أصبحت تلك الصور متكررة وباهتة في ظل تطور الكاميرات، ومع سهولة حصول أيّ هاوٍ على صورة «جميلة». وإن لم تكن كذلك، فإن برامج تعديل الصور تصلح أيّ خطأ. على أحد جدران المعرض قول لجان بودريار: «الصورة الفوتوغرافية تعويذتنا. المجتمعات البدائية كانت لها أقنعتها، والبورجوازية كانت لها مراياها. نحن لدينا صورنا» (١٩٩٨). دور ازداد أهمية مع تدفق الصور منذ عام ٢٠١٠ حتى يومنا، مع اختراع انستغرام. لكن ذلك السياق يحيلنا اليوم على التمييز بين المعايير المحدِّدة لجمال الصورة وقيمتها الفنية ضمن سيل الصور.
لا شكّ في أن معظم صور المعرض جميلة، كذلك معظم الصور على انستغرام، أم تلك الملايين التي تمحيها البشرية كل يوم من هواتفها، فربما لو طبعت ووضعت ضمن إطارات، لأغرقت جدران المتاحف والغاليريهات. لم يعد بإمكاننا اليوم أن نقرأ الصورة فنيّاً مثلما كنا نفعل قبل زمن الانستغرام. فما الذي يمنح الصورة قيمتها الفنية اليوم؟ ليس جمال الصورة في مضمونها، لا بل ما يتخطاها إلى ما يحيط بها: طريقة التقاطها، أو الرواية خلفها، أو مداخلة الفنان عليها... الصورة وحدها لم تعد كافية.
أكرم الزعتري يظهّر على مقاسات كبيرة صوراً من قصاصات جرائد لطائرات إسرائيلية تحلّق فوق صيدا. «كولاج» لوليد رعد عن صور لمبنى تعرض للقصف خلال الحرب. «كولاج» لربيع مروّة يمزج فيه صورة لغلاف ألبوم فرقة «سيغر روس» (الايسلانديّة) مع إذن سينمائي للأمن العام اللبناني. زياد عنتر يلتقط صوراً لبيروت وبرج المرّ عبر أفلام منتهية المدة من أفلام هاشم المدني. غيرهارد ريختر يرسم فوق صورته. علي شريّ يركّب صورة يظهر فيها تمثال حافظ الأسد كأنه صاروخ ينطلق من قلب غبار الصحراء. فؤاد الخوري يلتقط صورة لكورنيش بيروت، لتظهر كأنها لوحة مرسومة بالغواش. تلك هي بعض أعمال الفنانين المشاركين في المعرض. صور ليست بالضرورة «جميلة»، لكنّها تسائل جماليات الصورة، وفعل التصوير بحد ذاته.
مع ذلك، يبقى استثناءان في المعرض يسبقان زمن انستغرام: بورتريه لمارلين مونرو التقطه بيرت شتيرن (١٩٦٢)، وبورتريه لشريهان التقطه فؤاد الخوري (١٩٨٧). إلى جانب أنهما عملان جميلان، ما يميزهما أيضاً أنّ المصوّرين استطاعا التقاط بورتريه لامرأتين كما لم نعرفهما يوماً. أما سائر صور المعرض، فجميلة هي، لكن جميلة فقط. 
Open /Rhapsody: حتى 19 نيسان (أبريل) ــ «مركز بيروت للمعارض» ــ للاستعلام: - 01/962000

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق