«مركز بيروت للفن» يخترع «ماكينة الحلم»

الدورة الثانية من المهرجان الذي أشرف عليه شريف صحناوي، وهشام عوض، ولميا جريج، يفسح المجال أمام زوايا عديدة تسائل العلاقة ين الصوت والصورة، التي يبحث عنها المبدعون اليوم. عروض وتجهيزات ولقاءات وأعمال أُنتجت خصيصاً للحدث بمشاركة فنانين لبنانيين وأجانب.
برمجة متماسكة ومتناغمة يطرحها «مهرجان بيروت لفنون الصوت والصورة ـــ ماكينة الحلم ٢» الذي تكاتف «مركز بيروت للفن» و«ارتجال» (مهرجان الموسيقى التجريبية في لبنان) على تنظيمه هذه السنة. المهرجان الذي أشرف على إعداده شريف صحناوي، وهشام عوض، ولميا جريج، يفسح المجال أمام زوايا مختلفة تسائل العلاقة بين الصوت والصورة التي يبحث الفنانون عنها اليوم. ينطلق «ماكينة الحلم ٢» غداً الجمعة ليمتد خمسة أيام في «مركز بيروت للفن»، فيما سيُعرض فيلمان نهار الأحد في فضاء «دواوين» (الصيفي). لماذا هذا المهرجان؟ وما معنى تخصّصه في فنون الصوت والصورة؟ إنّ العديد من الأعمال الفنية (سينما، فيديو، تجهيز، مسرح...) تنضوي تحت عنوان «فنون الصوت والصورة»، لكن شريف صحناوي يقول لـ «الأخبار» إنّ ما يميز «ماكينة الحلم» هو طرحه أعمالاً تسائل العلاقة بين الصوت والصورة في طرحها الفني، لا مجرد أي عمل يعتمد هذين العنصرين.
«قد يكون مثالا السينما التجارية والكليب، النقيضين الأكثر وضوحاً في سيطرة عنصر الصوت أو الصورة على الآخر» يضيف صحناوي. أما الأعمال المبرمجة في المهرجان، فتقع في المنطقة الوسط، حيث يدفع الفنان الصورة والصوت إلى الحوار أو مسائلة علاقتهما ببعضهما بعضاً. هشام عوض يحيلنا على مقالة نشرت في جريدة «لوموند» (٢/4/ ١٩٩٢) مثّلت إحدى نقاط انطلاق البحث والتفكير. تسرد المقالة نقاشاً دار بين المخرجين السويسري/ الفرنسي جان لوك غودار، والأرمني أرتافازد بيليشيان. في حديثه عن لغة تتخطى عقبة تعدد اللغات، يقول بيليشيان: «كي أجد تلك اللغة، أستعمل ما أدعوه الصور الغائبة. أعتقد أنه يمكننا أن نسمع الصورة ونرى الصوت. في أفلامي، الصورة موجودة إلى جانب الصوت، والصوت إلى جانب الصورة. تبادل مماثل يفضي إلى نتيجة أخرى عن توليف عرفناه خلال زمن الأفلام الصامتة أو بالأحرى غير الناطقة». ويضيف غودار: «اليوم، تُفصل الصورة عن الصوت على نحو متزايد. نلاحظ ذلك على نحو أفضل في التلفزيون. الصورة من جهة، والصوت من جهة أخرى. لا علاقة بينهما، لا صحية ولا حقيقية. ليس هناك سوى العلاقات الخاصة بالسياسة. لذلك تجد التلفزيونات في أيدي السياسيين في بلدان العالم. والآن ينشغل السياسيون في صناعة شكل جديد للصورة يسمّى HD. وحتى اللحظة، ما من أحد بحاجة إليه». تلك التساؤلات والأفكار دفعت منظّمي المهرجان الثلاثة إلى تركيز الدورة الثانية على ثيمتين: تضم الأولى الأعمال التي تتناول علاقة الموسيقى التصويرية بالصورة، فيما تشمل الثانية الأعمال التي تتطرّق إلى علاقة الصوت بالمكان، وكيف يمكن للصورة أن توحي المكان وبالعكس.
من محطات المهرجان، تحية للفنان الأميركي فيل نيبلوك. تعرض كاثرين ليبروفيسكايا فيديو حياً مع موسيقى حية لنيبلوك، ثم يعرض الأخير ثلاثة أعمال له، وفي اليوم الثاني، يعرض تجهيزاً فنياً مع ماغدا ماياس. عايش فيل نيبلوك (١٩٣٣) تطوّر موسيقى الأندرغراوند في نيويورك منذ السيتينات. كان ينتج الموسيقى المينمالية غير المبنية على الإيقاع أو الميلودي. يعدّ نيبلوك اليوم من أهم الموسيقيين المينيماليين الذين أثروا في الكثير من الموسيقيين الشباب المعاصرين. حضوره اليوم في المهرجان فرصة للتعرف إليه عن كثب. في المهرجان أيضاً عمل لمارك فيشير وجاستين بارتون عن الصوت المحفز لإنتاج صورة متخيلة عن أماكن جرى تغييبها عبر شريط On Vanishing Land. أما في فضاء «دواوين»، فيعرض وثائقي Charisma X للمخرج إيفي إكسيرو. شريط يتناول حياة المهندس المعماري والموسيقي اليوناني إييانيس إكسيناكس. اشتهر الأخير بدمجه الموسيقى والعمارة، فألف موسيقى تؤدَّى في فضاءات خاصة، وصمّم عمارت بناءً على مقطوعات موسيقية، كما كان من الطليعيين في استخدام النماذج الرياضية في التأليف الموسيقي، مما ترك أثراً كبيراً في تطوّر الموسيقى الإلكترونية والرقمية لاحقاً. كذلك يعرض Blue لديريك جيرمن. المخرج الانكليزي الذي قدم فيلم «كرافاجيو» (١٩٨٦) الغنيّ بالألوان، سيصاب بالإيدز ويعاني سيطرة بعض الألوان على بصيرته في أواخر حياته، حين أنتج فيلمه الأخير «أزرق» (١٩٩٣). رحلة صراع مع المرض يسيطر فيها اللون الأزرق على الشاشة لمدة ٧٥ دقيقة مع موسيقى تصويرية تتخللها أصوات من فترة مكوثه في المستشفيات وحوارات الأصدقاء حوله وأصوات أخرى.
أما ضمن مشاريع «ماكينة الحلم»، فدعت لميا جريج فنانين لينتجوا أعمالاً خاصة للمهرجان. يستند علي شرّي إلى حوارات مأخوذة من فيلم «بيروت اللقاء» لبرهان علوية، ويعيد موضعتها ضمن تجهيز فني يحاول أن يخلق فضاءً معادلاً لفضاء الصورة. وتلقي ريّا بدران نظرة نقدية إلى فعل النوستالجيا عبر عمل صوتيّ يرتكز على جهاز الراديو كونه الناقل الرئيس للنوستالجيا الصوتية. أما الألمانيتان بيريت شوك وجوليا تياكي اللتان أطلقتا العام الماضي مشروع خريطة صوتية وبرنامج راديو عن الإسكندرية بعنوان «مشروع شوارع الإسكندرية»، فتقدمان المواد الأولى لمشروع مماثل عن بيروت، فيما يقدم طارق عطوي ورشة عمل تطرح أسئلة عن التسجيل والتأليف الصوتي داخل/ خارج الأماكن الخارجية والعامة، إضافةً إلى عروض وتجهيزات أخرى من دون أن يخلو المهرجان من محاضرات عن التساؤلات حول العلاقة بين الصوت والصورة ضمن العمل الفني.
بدأت القصة...
ولدت فكرة المهرجان عام ٢٠٠٩ من جراء حوار بين شريف صحناوي ورضوان مومنه، لكن الدورة الأولى منه لم تبصر النور قبل عام ٢٠١٢. حينها انضم نديم مشلاوي إلى صحناوي ومومنه ليعدوا ويبرمجوا الدورة الأولى من المهرجان. أما في دورته الثانية، فقد انضمت لميا جريج إلى شريف صحناوي، ومن ثم هشام عوض، ليختاروا ثيمات الدورة الحالية والفنانين المشاركين. تركيبة تفسح المجال أمام معدّين جدد في التعاون والتناوب على إعداد دورات المهرجان، مما يضمن غناه مستقبلاً.
«ماكينة الحلم ٢»: بدءاً من الثامنة مساء غد الجمعة حتى 30 ت1 (أكتوبر) ــ «مركز بيروت للفن» (كورنيش النهر ـ بيروت) للاستعلام: 01/397018 ـــ www.beirutartcenter.org

ماراتون بيروت «يلا نركض» لزعماء الطوائف!

بعد اجتماع أجرته «جمعية ماراتون بيروت» صباح اليوم، والتزاماً منها بدورها الفاعل كجزء أساسي من المجتمع المدني المساند للمواطن اللبناني، قررت استبدال شعار ماراتون بيروت لهذا العام من «منركض للبنان» إلى «إلك زمان بتركض للبنان؟ اليوم لبنان رح يركضلك». وأوضحت الجمعية أنّ القرار باعتماد الشعار السابق، كان ناتجاً من التمسك ببعض الأمل بوجود دولة في لبنان، ولدعوة اللبنانيين جميعاً إلى الاتحاد في يوم الماراتون (10/11) والركض من أجل الوطن، متناسين خلافاتهم وأحقادهم الطائفية والسياسية والطبقية والعنصرية.
لم يخفِ أحدٌ من أعضاء الجمعية تأثّره بالشعار الذي اعتمدته وزارة السياحة في الصيف الماضي «ليش في أحلى من لبنان؟»، لكن بما أنّ الدولة اللبنانية هي عبارة عن تكتّل لمجتمعات انعزالية تتخذ أشكالاً مختلفة، وتقدّم ولاءها الأوّل والأخير لزعيمها السياسي، تبيّن أنّ الشعار تحوّل من «منركض للبنان» إلى «منركض لزعماء الطوائف السياسيين». لذلك وجب تعديل الشعار، وتوجيه تحية إلى كل مواطن لبناني رفض أن ينضوي حتى اليوم تحت لواء الطائفة والزعيم السياسي، بل أصر على التعريف عن نفسه كمواطن يقدّم ولاءه للوطن فقط. هؤلاء المواطنون رفضوا أن ينالوا وظائف بدعم من الزعيم، محاولين الاعتماد على مجهودهم الشخصي، وطلبوا شطب القيد الطائفي من سجلات النفوس، ليعلنوا انتماءهم الأوّل والأخير إلى الوطن، وطالبوا بالزواج المدني، وبأن يحكم القضاء اللبناني أحوالهم الشخصية. هؤلاء ركضوا كثيراً لوطنهم، فيما كان زعماؤه يسعون إلى المحافظة على كراسيهم، وتضخيم ثرواتهم، وتغذية الشحن الطائفي والخوف من الآخر ضمن صفوف مناصريهم كي يبقوا بحاجة إليهم وإلى حمايتهم. ولأنّ هؤلاء ــ مهما كان عددهم وعمرهم ــ هم الأمل الوحيد بقيام دولة حقيقية تدعى لبنان، وليس تكتل مجتمعات وطوائف يحقد بعضها على بعض... لهذه الأسباب، قرّرت «جمعية ماراتون بيروت» توجيه تحية إلى هؤلاء المواطنين، ودعت الدولة اللبنانية إلى الركض من أجلهم لأنّ تلك الفئة من المجتمع لن تتحمل مزيداً من الركض. بل إنّ تزايد الخطر على السلم الأهلي بسبب «حروب صغيرة» (كما يدعوها المخرج اللبناني مارون بغدادي) تقودها الطوائف السياسية في لبنان، سيدفع من رفض الاحتماء بطائفته إلى الهجرة يوماً ما. أما أموال الحملة الإعلانية، وخصوصاً تلك التي قدّمها «مصرف لبنان»، فسوف تُستثمر في مشاريع تنموية للمناطق النائية والفقيرة في لبنان. مشاريع ستقضي على استغلال فقر سكانها من قبل الزعماء كوقود للحروب. وختمت الجمعية البيان، داعية الجميع إلى عدم تصديق ما ورد أعلاه، لأنّ كامل محتواه من نسج الخيال، ولا تنسوا أن تركضوا للبنان في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

Tête-de-Mannequin captured via Instagram / Or / How to plant a Radish #2

Tête de Mannequin #8
I Swear I'm  not an #Alien 


Tête de Mannequin #9
My #boobs are lost between the #bags


Tête de Mannequin #10 
#فخورة 


Tête de Mannequin #11 
Mithkteer2eth3amnih#
Tête de Mannequin #12 
Aishti#
 شي بها شي براسها يا #حرام

Tête de Mannequin #13
She once wanted to sing #jazz, but she couldn't  

جولة إيكزوتيكية على حق العودة




لمّا شفتك
فلسطين، 2012، ملون، لغة عربية، ساعة و33 د.

المخرجة وكاتبة السيناريو: آن ماري جاسر / المصورة: هيلين لوفار
الممثلون: محمود عسفة (طارق)، ربى بلال (غيداء)، صالح بكري (ليث).
الجوائز:
جائزة NETPAC لأفضل فيلم آسيوي/ مهرجان برلين السينمائي 2013
جائزة لجنة التحكيم/ مهرجان القاهرة السينمائي 2012
جائزة لجنة التحكيم/ مهرجان وهران للفيلم العربي 2012
جائزة دون كيشوت للنقاد/ مهرجان قرطاج السينمائي 2012
جائزة أفضل فيلم عربي ضمن مسابقة آفاق جديدة/ مهرجان أبو ظبي السينمائي 2012 



إنها الأردن عام 1967، مضت أيام قليلة على وصول طارق (محمود عسفة)، 13 سنة، وأمه غيداء (ربى بلال) إلى مخيم مؤقت للاجئين الفلسطينين. ما بين رفضه الواقع الجديد، وكرهه لأستاذ المدرسة في المخيم، وتعرّفه على لاجئين أمضوا حوالي 20 سنة حتى الآن في ذلك المخيم المؤقت، يزداد طارق إصراراً بالعودة إلى الديار، وملاقاة أبيه الذي بقي في أرض فلسطين. إلا أنه، في إحدى الصباحات الباكرة، سوف يحمل حقيبته ويغادر المخيم دون علم والدته. وكما علّمه والده مرة سوف يتبع موقع مغيب الشمس، إذ أن الديار تقع هنالك. هكذا تنطلق رحلة طارق في مشوار العودة، في الفيلم الطويل الثاني "لمّا شفتك" للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، بعد فيلمها الأول "ملح هذا البحر". رحلة سوف يتوه فيها طارق ليجده شاب فدائيّ: ليث (صالح بكري)، نائماً في العراء فيقوده معه إلى مخيم التدريب في إحدى الغابات. بعد بحث طويل، تجد غيداء إبنها في مخيم الفدائيين يتدرب معهم للعودة إلى فلسطين ورافضاً العودة معها إلى مخيم اللاجئين. ما بين التدريبات وسهرات الليل، والرغبة المتزايدة بالعودة إلى الديار ومجريات الحرب، تتواصل الأحداث. هل يحقق فعلاً طارق حلمه بالعودة إلى الديار؟ نترككم لمشاهدة الفيلم.
يتميز فيلم "لمّا شفتك" في مقاربة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خارج اللأراضي الفلسطينية. فأحداث الفيلم تجري جميعها في الأردن ما بين مخيم اللاجئين في القسم الأول ومخيم الفدائيين في القسم الثاني، فيما أرض فلسطين التي هي موضوع الفيلم وجوهره غائبة عن الصورة. أما الميزة الأهم في خيار الكاتبة والمخرجة جاسر، أنها تروي قصة اللاجئين وقضية شديدة التعقيد على لسان طفل ومن منظوره. تخيم على الفيلم تلك النية البريئة لطفل غير قادر على استيعاب عبثية عالم الكبار وتعقيداته، فيما الطلب بسيط جداً بالنسبة له: العودة إلى الديار وملاقاة أبيه. وبذلك تحيلنا جاسر عبر فيلمها الجديد وبعد أكثر من ستين سنة على الصراع العربي الإسرائيلي إلى الحق الأولي والبسيط الذي ما زال الفلسطيني محروماّ منه: العيش مع عائلته على أرضه.
لطالما شهد االفن السابع لجوء السينمائيين إلى عالم الأطفال لطرح معضلات سياسية وإجتماعية كبيرة، في لغة مبسطة تعيد تذكيرنا بأمور أساسية، بعيداً عن تعقيدات السياسة. تحفل السينما الإيرانية بأمثلة كثيرة مع مخرجين مثل عباس كياروستامي ومجيد مجيدي وسميرة مخملباف ... الذين صوروا عدة أفلام من بطولة أطفال، طارحين عبرها مشاكل عميقة ومعقدة يعاني منها المجتمع الإيراني. كما نذكر مقاربة الحرب الأهلية اللبنانية من منظار الأطفال في فيلم "بيروت الغربية" لزياد دويري، وفي "زوزو" لجوزيف فارس. وتجدر الإشارة إلى أنه الدور السينمائي الأول للطفل محمود عسفة الذي قدم آداءً بارعاً، فيما عمل صالح بكري مع آن ماري جاسر سابقاً في فيلمها الأول "ملح هذا البحر".
وإن نجحت جاسر بمقاربة موضوع حق العودة، المتداول كثيراً في السينما الفلسطينية والعربية، ضمن سياق جديد عبر حكاية طفل، إلا أن بعض الخيارات الفنية والسياسية في "لمّا شفتك" تثير بعض التساؤلات. إن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم لم تتحقق بعد. إذاً موضوع الفيلم ما زال مستجداً ومطروحاً اليوم. لكن لماذا قررت مخرجة فلسطينية معنية بشكل مباشر بحق العودة والفدائيين أن تتناول هكذا موضوع في عام 1967 بالتحديد؟ هل لأنها أرادت أن تتفادى تعقيدات الأحداث  التي أصابت الفدائيين خلال السنين التالية، خاصة في الأردن؟ أم أنه مجرد افتتان "إكزوتيكي" بزمن السيتينيات وأزيائه، ونمط العيش فيه الذي لم تعشه المخرجة، والذي جعل الفيلم يتخذ ذلك الإطار الزمني غير المسيّس والمفصول عن التاريخ؟ علماً أن الفيلم يخلو من أية مراجعة تاريخية، أو نقدية لأي من عناصر الفيلم، وكأنه لم يمر أكثر من 40 سنة. لذلك تأتي النتيجة فيلماً تاريخياً، رومنسياً، درامياً، يروي قصة ولد لاجئ فلسطيني قرر العودة إلى الديار، وفي الخلفية بلد يدعى الأردن، ومخيمات للاجئيين وفدائيين فلسطينيين يتدربون للقتال أحياناً، ولكن في معظم مشاهدهم يتحلقون حول النار ويغنون ويرقصون ويلعبون ورق الشدة.
للكاتبة والمخرجة آن ماري جاسر حقها في تصوير أفلام غير مسيسة وتجارية، حتى ولو كانت أفلاماً مستقلة، وليس على جميع الفنانين الفلسطينيين والعرب أن يقدموا أفلاماً ملتزمة بالقضايا السياسية الكبرى. ولكنه ايضاً من حقنا أن نطالب مثقفينا بأن يكونوا أكثر نقداً من سياسيينا، وأن يسألوا على لسان الأطفال ربما، الأسئلة الموجعة التي لا نجرؤ على طرحها في العلن، مثلما فعل زملاؤهم السينمائيون الإيرانيون من قبلهم. نعم، حلم الطفل طارق عام 1967 بأن يعود إلى دياره، لكنه لم يعد حتى اليوم. فهل فعلاً إن إسرائيل هي السبب الوحيد وراء ذلك؟  

نشر في رصيف ٢٢





مرزاق علواش يسائل العفو العام في "التائب"



التائب
الجزائر، 2012، ملون، لغة عربية، ساعة و27 د.
المخرج: مرزاق علواش / كاتب السيناريو: مرزاق علواش / المصور: محمد طيب لاغون
الممثلون: نبيل العسلي (رشيد)، خالد بن عيسى (الأخضر)، عادلة بن دمراد (الزوجة)
الجوائز:
-    جائزة شبكة قاعات العرض الأوروبية/ أسبوع المخرجين – مهرجان "كان" السينمائي – 2012
-    جائزة أفضل فيلم روائي طويل/ مهرجان الدوحة ترابيكا – 2012
-    جائزة هوغو الفضية/ مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي – 2012
-    جائزة فيبريسكي لأفضل فيلم طويل / مهرجان كيرالا السينمائي الدولي – 2012



يركض في الثلج، هارباً من ماضيه، من الجبال حيث يختبئ الجهاديون الإسلاميون في الجزائر، عائداً إلى بيته طالباً أن يعود إلى الانخراط في الحياة الاجتماعية الطبيعية. إنه رشيد (نبيل العسلي) أو "التائب"، الصفة التي  يطلقها عليه وعلى أمثاله أهل الجزائر. بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية في الجزائر التي عرفت بالعشرية السوداء، أصدرت السلطات الجزائرية بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 1999 ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي يعفو عن المسلحين الذين لم يقترفوا أعمال قتل أو اغتصاب. هكذا وصل الشاب العشريني رشيد إلى بيته بعض طول غياب، واستقبله أهله بحرارة، بعكس بعض أهل القرية الذين أرادوا قتله انتقاماً لجرائم وقعت في عيالهم، رغم أن شهادة رشيد بأنه براء من تلك الجرائم، وبأنه لم يقتل أحداً في حياته. لن يبقى التائب طويلاً في القرية، بل سوف يغادر إلى المدينة، ويسجل عودته عند الشرطة كما يشترط القانون، ليبدأ بعدها بالعمل في مقهى بعدما حلق ذقنه. قرب مقر عمله الجديد سوف يتعرف رشيد على الصيدلي "الأخضر" (خالد بن عيسى)، ليعود الماضي من جديد إلى الواجهة. هنا يقرر رشيد أن يبيع  معلومة مهمة جداً تعني الأخضر مقابل مبلغ كبير من المال ليتمكن من السفر ومغادرة البلاد بعيداً. بعد لقاءات عدة مع رشيد، يستدعي الأخضر زوجته (عادلة بن دمراد) التي انفصلت عنه منذ مدة، لينطلق الثلاثة في رحلة صوب الجبال حيث الغرض المنشود.
لن تنكشف تلك المعلومة التي تجمع رشيد بالأخضر وزوجته سوى في الجزء الأخير من الفيلم، والتي لن نفسدها عليكم بل ندعوكم لمشاهدة الفيلم. خاصة أن المخرج مرزاق علواش عمد في تركيبة السيناريو إلى بناء توتر متصاعد مع تقدم الأحداث عبر إخفاء تلك المعلومة. في المقابلة الأولى ما بين رشيد والأخضر، سوف نلاحظ الريبة التي تعتري وجه رشيد، ثم مكالمات هاتفية، ولقاءات ما بين الإثنين لن يسمح لنا المخرج بالإطلاع على تفاصيلها، لكننا على يقين بأن لدى رشيد ما يهمّ  الأخضر وزوجته رغم انفصالهما. مقابل ذلك التوتر واللغز المسيطر على إيقاع الفيلم، اختار علواش الصمت أيضاً عنصراً أساسياً من مكونات "التائب". صمت يلقي بثقله على المشاهد، ويضعه في مواجهة مباشرة مع محاولة فهم حيثيات الأحداث ومشاعر الشخصيات عبر حركة أجسادهم وتعابير وجوههم.
ما بين التوتر والصمت نجح مرزاق علواش في نقل معضلة العفو الطارئ التي يعاني منها المجتمع الجزائري إلى الشاشة. طارحاً أسئلة حول مدى تقبل المجتمع الجزائري لهؤلاء التائبين، وإمكانية انخراطهم الفعلي في المجتمع دون ثقل الماضي، ودون إجراء محاكمات عادلة. ولكي لا تسقط شخصية التائب في نمطية شخصيات الجهاديين الممثلة في السينما عادة، اختار علواش العمل مع نبيل العسلي، ممثل صغير السن وملامحه لطيفة غامضة في الوقت ذاته، تاركاً شكوكاً تلف حقيقة إذا ما كان فعلاً نظيف اليدين. مما يصعب على المشاهد سهولة الحكم عليه وتصنيفه ضمن المجرمين أم لا، الأمر الذي يفسح مجالاً للتعاطف معه. تلك المقاربة للشخصيات يتبعها أيضاً مع الصيدلي وزوجته، وفيما يخص علاقتهما وانفصالهما فيما بعد، حتى لقائهما من جديد اليوم، وانعكاس ذلك على تفاعلاتهم المتفاوتة. تلك المقاربة تبيّن التعقيدات التي يعجز المشاهد أمامها عن فرز الشخصيات ما بين نمطية الصالح والشريرالمعتمدة غالباً في الأفلام التجارية الهوليودية، لتأتي أقرب إلى الواقع، وطارحة معضلات حقيقية. إنها ليست المرة الأولى التي يعمل فيها علواش مع الممثل نبيل العسلي، فالأخير شارك أيضاً في فيلم "حراقة" (2009) كما في فيلم "نورمال!" (2011)، الذي شاركت فيه أيضاً الممثلة "عادلة بن دمراد"، أما بالنسبة لخالد بن عيسى فهي مشاركته الأولى في أفلام علواش. في "التائب" قدم الممثلون الثلاثة أداء مميزاً، خاصة في ذلك اللعب ضمن الصمت  طوال المشاهد الأولى للفيلم، وفي الشحن التصاعدي خلال المشهد الأخير، حيث نرافق رشيد والأخضر وزوجته في السيارة ما بين جبال الجزائر. لقاء يجمع الجلاد بالضحية. مشهد بليغ جداً يظهر المشاعر الإنسانية في لحظات المواجهة. كأن بذلك المشهد تجسيداً مكثّفاً للمرحلة الانتقالية التي يعيشها المجتمع الجزائري: هل يستطيع فعلاً أهل الضحية الصفح عن ما مضى ومسامحة القاتل؟ وهل يستطيع الجهاديون السابقون التخلص من ثقل ماضيهم، والانطلاق نحو بداية جديدة؟
مرة جديدة يضع المخرج الجزائري مرزاق علواش كاميرته على الجرح، ويوجع السلطة الجزائرية التي حرمته الدعم الإنتاجي في فيلمه الأخير "التائب". ذلك الهجوم من السلطة رافق المخرج في فيلمه "حراقة" الذي يتناول موضوع الهجرة غير الشرعية من الجزائر إلى أوروبا وخطر الموت في كل لحظة، ثم في "نورمال!" الذي ينتقد فيه الجزائر ما بعد الثورات العربية في مصر وتونس، كما ينتقد الرقابة على الفن. لكن علواش يستمر ويتطرق في "التائب" إلى موضوع ما زال حساساً في المجتمع الجزائري حتى اليوم، مقدماً معالجة فنية سياسية، وطارحاً أسئلة موجعة لا بد للجزائريين وجميع الشعوب التي عانت من الحروب الأهلية أن تحاول التوقف عندها ومناقشتها.

نشر في رصيف ٢٢






Tête-de-Mannequin captured via Instagram / Or / How to plant a Radish #1

Tête de Mannequin #1 
Channel#
 و#الحزن_في_عينيها
Tête de Mannequin #2
  #خشّ علىّ صبّاحي
Tête de Mannequin #3 
#لئيمة
Tête de Mannequin #4 
 #مكبرة شوي شفافي / ما كتير / عادي 
Tête de Mannequin #5
VeroModa#
 #مضايقة_شوي
Tête de Mannequin #6
Dior#
#لاء ما قريت الكتاب بس حضرت الفيلم (La Ghashiya) 
Tête de Mannequin #7
He always wanted to be #RichardGere







كلّ ما تحتاجه لصناعة فيلم، إنما هو فتاة ومسدس ... وصالح بكري




SALVO
Italy / France, 2013, Color, Italian language, 1h43'

Director: Fabio Grassadonia & Antonio Piazza  / Screenplay: Fabio Grassadonia & Antonio Piazza / Cinematography: Daniele Ciprì  / Cast: Saleh Bakri (Salvo), Sara Serraiocco (Rita), Luigi Lo Cascio, Mario Pupella
Awards:
-    Grand Prize – Critics Week - Cannes Film Festival 2013
-    France 4 Visionary Award - Cannes Film Festival 2013

يدخل سالڤو خلسة إلى منزل ريناتو ويقتله بحضور شقيقته الضريرة، ريتا، لكنه سيمتنع عن قتلها هي أيضاً، بعدما أبصرت النور أمام مسدسه الموجَّه إلى جبينها. حادثة سوف تغيّر مجرى حياة القاتل المأجور، سالڤو، وتسبب له المشاكل مع المافيا السيسيلية، وتجره إلى التعلق بضحيته: ريتا.  

استناداً إلى القاعدة السينمائية السحرية: "كلّ ما تحتاجه لصناعة فيلم، إنما هو فتاة ومسدس"، المقولة الشهيرة لـ D.W. Griffith  التي  أعاد ترسيخها Jean Luc Godard، ينطلق المخرجان الإيطاليان Fabio Grassadonia و Antonio Piazza لصناعة فيلمهما الأول، سالڤو. قد يبدو للوهلة الأولى أن القصة وأحداثها تتشابه مع عدد كبير من أفلام الميلودراما والمافيا الإيطالية. قصة قتل تعترضها لحظة حبّ فتتغير مجريات الفيلم. لكن التفاصيل الدقيقة في تركيبة السيناريو والجمالية السينماتوغرافية ل"سالڤو" مكّنته من حصد الجائزة الأولى في مهرجان أسبوع النقاد - مهرجان كان السينمائي، لهذا العام.

قبل أن نغوص في عرض تفاصيل الفيلم السينمائية، لا بد أن نتوقف عند الممثل الرئيسي المؤدي لشخصية سالڤو، الفلسطيني: صالح بكري. بدأ صالح بكري (1977) مسيرته الفنية على خشبة المسرح، وهو إبن الممثل والمخرج محمد بكري، قبل أن يقدم أدواراً رئيسية في أفلام سينمائية، منها: "ملح هذا البحر" و"لمّا شفتك" لآن ماري جاسر و"الزمن الباقي" لإيليا سليمان. وكما كان لامعاً في أدواره السابقة، يؤدي بكري شخصية سالڤو في شبه صمت كامل طوال الفيلم، معتمداً على بلاغة تعابير وجهه وحركة جسده، ليثبت مرة أخرى أنه من الممثلين العرب الشباب المميزين في السينما العربية كما العالمية. 

في القيمة الفنية للفيلم، سوف نستعرض بعض تفاصيل المشهد الأول من حيث السيناريو والتصوير، كمثال لإبراز القيمة السينمائية. يفتتح الفيلم على مشهد هجوم مسلَّح تقوده إحدى مجموعات المافيا على سالڤو في أحد شوارع  سيسيليا. معركة سوف يخرج منها سالڤو بسلامة وفي حوزته اسم الرجل وراء ذلك الهجوم، ريناتو، مما سوف يقوده إلى منزل الأخير لقتله. إنها الدقيقة الثامنة من الفيلم، لحظة دخول سالڤو منزل ريناتو. في المنزل لا يوجد سوى ريتا، شقيقة ريناتو الضريرة. منذ اللحظة الأولى تتنبه ريتا، هي التي لا يمكنها أن ترى، إلى دخول شخص غريب، ولكنها سوف تحاول أن تخفي ذلك عليه، إلى حين وصول شقيقها أو إيجاد أي حل ممكن. هكذا مشهد يعتمد التشويق كعنصر أساسي في تكوينه، قد يستحوذ عادة على خمس دقائق بالكثير من طول أي فيلم، لكن المخرجين غراسادونيا وپيازا قررا أن يفردا له خمس عشرة دقيقة من التوتر الصامت الذي لم يقع في لحظة ملل. في القسم الأول من المشهد نرافق سالڤو في دخوله إلى المنزل، ولقائه بريتا، ثم في جولته التفقدية للغرف بحثاً عن ريناتو، دون أن تغيب ريتا من خلفية الصورة. لكن سرعان ما سوف تنتقل الكاميرا إلى جهة ريتا لينتقل سالڤو بدوره إلى خلفية الصورة. لكن هذه المرّة سوف تلتصق الكاميرا بريتا وترافقها في جميع تحركاتها عن قرب، وفي حركة تشبه حركة جسدها المتردد والمتوجس لكي تعكس قلقها ومحاولاتها للخلاص. ذلك الخيار التقني ورغم بساطته، يدفع المشاهد إلى اختبار موقف ونية القاتل سالڤو في البداية، ولكنه ينتقل بخفة إلى تبني حالة التوتر التي تسيطر على الضحية دون أن يقع في أساليب التشويق المبتذلة المدعمة بالمؤثرات الصوتية وسرعة حركة الكاميرا، بل على العكس استطاع أن يبني التوتر بتمهّل في الصمت وفي حركة الكاميرا البطيئة. بالإضافة إلى أن المخرجين ومنذ بداية الفيلم اعتمدا اللقطات المقربة على عين سالڤو، التي سوف تتراكم تحضيراً للحظة التي سوف ينظر فيها إلى عين ضحيته تبصر النور أمام مسدسه.

عبر الدقة في التفاصيل، والحركة البسيطة والبطيئة للكاميرا، وجمالية الصورة التي تسيطر عليها الألوان الداكنة، وضبط إيقاع الفيلم عبر التوتر الذي يحكم علاقة سالڤو بريتا منذ بداية الفيلم حتى نهايته، استطاع المخرجان غراسادونيا  وپيازا أن يقدما فيلماً نجا من كليشيهات أفلام المافيا، وروى قصة حب ما بين القاتل والضحية دون أن يقع في الميلودراما الهزيلة.
بالرغم من أن "سالڤو" يعتبر من الأفلام التجريبية من حيث القيمة السينماتوغرافية، ولكن أحداثه التي تجري ما بين  قصة حب وجرائم المافيا السيسيلية، والنكهة الكوميدية التي أدخلها المخرجان إلى الفيلم مع شخصيات أصحاب النزل الذي يقطن فيه سالڤو، تجعله أيضاً  فيلماً للجمهور العريض.

نشر في رصيف ٢٢






"يمّا" يحاكي جراح الجزائر بصمت



يَمّا
الجزائر، 2012، ملون، لغة عربية، ساعة و31 د.

المخرجة وكاتبة السيناريو: جميلة صحراوي / المصورة: رافاييل أوبراين / 
الممثلون: جميلة صحراوي (ورديّة)، سمير يحيى (الحارس)، علي ظريف (علي)
الجوائز:
-  جائزة فيبريسكي / مهرجان دبي السينمائي 2012
-  الباير الذهبي لأفضل ممثلة / مهرجان نمور – بلجيكا  2012


رائعة سينمائية، تجعل من قصة عائلة، وثلاثة ممثلين في بيت معزول بريف الجزائر، قصة تمتد على مساحة الإنسانية والوطن. إنه ”يمّا“ الفيلم الروائي الطويل الثاني للمخرجة والممثلة الجزائرية جميلة صحرواي. يُفتتح الفيلم بمشهد إمرأة تدعى وردية (جميلة صحراوي)، تجرُّ خلفها جسد إبنها المقتول. مع صوت نَفَسها المتصاعد، وسط طريق وعرة، نرافقها حتى بيتها، في طريق الألم والحزن. لوحده، يتوسط بيتها منطقة واسعة في ريف الجزائر. هنالك تغسل الأم جسد إبنها، وتحضره للدفن. في أرض خلف الدار تحفر قبراً، وتودعه. كان ضابطاً في الجيش الجزائري، قُتل في معركة مع إحدى الجماعات الإسلامية الجزائرية التي يقودها إبنها الثاني ”علي“ (علي ظريف). تلك هي حبكة الفيلم الأساسية: أمٌّ تدفن إبنها المقتول على يد إبنها الثاني. حبكة تعيدنا إلى التراجيديا الإغريقية، حيث تتصارع المشاعر، ويصعب تحديد المواقف الواضحة ما بين الشخصيات. حيث تجد الشخصيات مجبرة على التعايش مع وجعها القريب منها، والذي هو جزء منها. أوديب يقتل أباه، ويتزوج أمه. ميديا تقتل أولادها انتقاماً من رجلها. وردية تدفن إبنها البكر، وتتهم إبنها الآخر بقتله، ولكنه في نهاية الأمر الذي تبقّى لها. أمّا الإبن فيحاول أن لا يخسر أمَّه، ولكنه يصطدم معها بالذنب والعقائد الدينية والحرب.

في تلك المنطقة المعزولة، يضع علي حارساً (سمير يحيى) على والدته. شاب من فصيلته، فقد ذراعه خلال المعارك. علاقة متشنجة سوف تنمو ما بين ورديّة والشاب في البداية، لكنها سوف تتلطف مع مرور الوقت. بعناد، وجهد كبير، سوف تقوم وردية بمحاولة زرع أرضها الجافة، لإعادة شكل من أشكال الحياة إلى محيطها وإلى حياتها. في أحد الأيام وبعد صدامات متتالية مع الحارس، سوف تجد المياه تتدفق إلى حقلها إثر مدّها عبر مولد كهربائي، جلبه الشاب الحارس لا غير، لمساعدتها. لحظة سوف تكرس بداية علاقة جديدة بين الثنائي. تدعو ورديّة الحارس لدخول  البيت، شرط أن يترك بندقيته خارجاً، فتشاركه العشاء، وتحضر له غرفة لينام فيها، إذ كان يبيت في الحظيرة قبل ذلك. هكذا سوف تجد وردية في هذا الحارس إبناً جديداً. لكن علاقتها بعلي سوف تتدهور أكثر كلما التقيا، خاصة بعد أن تزوج إمرأة إبنها البكر، وتوفيت وهي تضع ولداً، لتتهمّه بقتلها هي أيضاً بعدما قتل أخاه. لكن رغم ذلك، سوف تقبل الاعتناء بحفيدها وتربيته. طفل يخلِّد ذكرى إبنها البكر، ويعيد لها الأمل والإيمان بالحياة. تمر الأيام، وتنمو العلاقة بين وردية والحارس مع نموّ الولد، إلى اليوم الذي يصل فيه علي ليلاً إلى المنزل، مصاباً برجله. هنا تتجلى في فيلم ”يمّا“ أجمل لحظاته. صراع الأم ما بين قسوتها على إبنها، وحنانها عليه. تلعب جميلة صحراوي دوراً رائعاً في تظهير صراع المشاعر تلك عبر تعابير وجهها، ونظراتها، وحركة جسدها الذي أثقلته الأحزان. هكذا نتابع أحداث الفيلم ما بين لحظة مرونة، تتبعها القسوة، وفورة الإبن وألمه النفسي والجسدي. علاقة لن يبقى الحارس خارجها، بل سوف يصبح جزءاً من تجاذب أطراف العائلة، ما بين الأم والإبن، إلى أن يضطر إلى اتخاذ موقف حاد منهياً تلك المأساة.   جميع تلك الأحداث، وعبر ثلاثة ممثلين، اختارت جميلة صحراوي أن تقدم رائعة سينمائية غارقة في الصمت، مع القليل القليل من الحوارات المترجمة بكلمات. لا بل تركت شخصيات فيلمها تعيش مأساتها في الصمت، في قلة التواصل مع الآخر. حتى التواصل اختصرته بنظرة، أو حركة جسد أبلغ من الكثير من الكلمات. قد تكون كلمة ”يمّا“ التي اتخذتها عنواناً أكثر كلمة مسموعة في الفيلم. إنها اللحظة التي يصرخ فيها علي مراراً، متألماً وبردان على عتبة البيت ليلاً: يمّا. صرخة يطلب عبرها مساعدة أمّه، ورحمتها، وغفرانها لعلها تخفف عليه وجع الجسد والروح. أما باقي الفيلم فيلقي بالإنسان وحيداً وضعيفاً في وسط الطبيعة الواسعة الجبارة. مفردات وجدت لها جميلة لغة سينمائية ترجمتها في حركة الكاميرا البطيئة، واللقطات الطويلة النفس. نجحت جميلة صحراوي في فيلمها ”يمّا“ في أن تعكس آلام الجزائر عبر آلام وصراع عائلة، بأفرادها الثلاثة. أرادت أن لا تقول الكثير، ولكن ”يمّا“ فيلم يشعرنا بالكثير.  

نشر في رصيف ٢٢     

جميلة صحراوي من مواليد 1950 في تزمالت، الجزائر. انتقلت إلى العيش في باريس منذ عام 1975، حيث درست في ”المعهد العالي للدراسات السينمائية“ وباشرت في صناعة الأفلام الوثائقية. في عام 2006 قدمت ”بركات“ أول فيلم روائي طويل لها، الذي شارك في مهرجانات سينمائية دولية عدة، ونالت عنه جائزة المهر العربي في مهرجان دبي السينمائي. أما إنتاجها الجديد ”يمّا“ فقدم في مهرجان البندقية السينمائي.






شيرين وعلي يبحثان عن جسد للحبّ





في فضاء «جانين ربيز»، التقى علي شري وشيرين أبو شقرا في تجربة فريدة حملت عنوان «جسد ما للحب» (Some Body To Love). والنتيجة زمانان محفوفان بالرومانسية والنوستالجيا.

لم تكن مواضيع الجسد والصورة والهوية يوماً بعيدة عن أعمال الفنانين شيرين أبو شقرا وعلي شرّي. وها هما يلتقيان اليوم في معرض مشترك ليبحثا عن «جسد ما للحب» (Some Body To Love) في «غاليري جانين ربيز». في المعرض، انفرد كل منهما بتصميم تجهيز فني لجسد هجين. انطلاقاً من هذا التجهيز، طوّر كل منهما خمس لوحات. درست شيرين أبو شقرا التاريخ والعلوم السياسية في «جامعة القديس يوسف» في بيروت، قبل أن تكمل دراستها في «استوديو فيرنوا للفن المعاصر» في فرنسا. أخرجت أفلاماً قصيرة عديدة منها «مسافة السكة» (٢٠٠٩) وتعمل حالياً على فيلمها التحريكي الطويل الأول «حتى الحمار يندم». أما علي شرّي، فقد درس فنون العرض في جامعة «داس آرت» في هولندا، ويشتغل بوسائط فنية عديدة، منها الفيديو، والتجهيز والمنحوتات. ومن أعماله الأخيرة معرضه «صور رديئة رديئة». استعملت أبو شقرا أغراضاً جمعتها من بقاع مختلفة من العالم: لبنان، سوريا، مصر، إيطاليا، اليابان... لتؤلّف منها مجسماً لشخصية ثابتة في فضاء المعرض، لا يتحرك فيها سوى العينين، وطابة زهرية صغيرة في موضع الفم.

من هيكل «مانيكان» ومعادن وخشب وثياب وأغراض عديدة، يتشكل الجسد الهجين الذي تقترحه شيرين أبو شقرا، جامعاً الهويات الثقافية المتعددة لأغراضه التي تحوّلت إلى أعضائه. الجسد موصول عبر سلك حديدي بعلبة مفتوحة إلى جانبه. في داخل العلبة قطن وأسلاك ملكوكة كمصارين المعدة. يهيأ لنا أنّ تلك العلبة بإمكانها أن تتحول إلى بيت الشخصية المتصلة بها، فتحتويها وتحملها لتنتقل بها من مكان إلى آخر، مضيفة أبعاداً جديدة إلى التركيبة الهجينة للشخصية. في المقابل، جهّز علي شرّي شخصيته من مجسم مؤلف من معدن وشاشات وشرائط كهربائية. ثبتّ شرّي شاشات مكان الرأس، الصدر، أسفل اليدين والقدمين، وواحدة أخيرة في الظهر تعرض الصورة الملتقطة من كاميرا ثبتت في عنق المجسم.
على تلك الشاشة الخلفية، يمكننا رؤية ما تشاهده تلك الشخصية أمامها، حيث تظهر الشخصية الأخرى لأبو شقرا، وزوار المعرض المارين من أمامها. أما على الشاشات الأخرى، فتتوزع فيديوهات تظهر دواخل الجسد البشري عبر صور الاشعة السينية وتقنيات أخرى. على الحائط، لوحات خمس صنعتها شيرين أبو شقرا عبر كولاج من صور التقطها علي شرّي لمجسمها مع صور أخرى لأماكن حول العالم وخرائط ولوحات ورقية، طبعتها على أوراق خشبية. ويعرض علي شري صوراً فوتوغرافية يستند فيها إلى صور لأعضاء جسدية ملتقطة عبر الأشعة السينية.

يتمحور المعرض حول تلك التركيبة الهجينة التي تجمع مواد مختلفة من قماش إلى أسلاك إلى شاشات لتخلق عالماً ثالثاً خارج الشخصيتين المطروحتين في المعرض. مثلما اجتمع الفنانان بحثاً عن جسد ما للحب، تبحث هاتان الشخصيتان عن تجسيد ثالث خارجهما. وربما وجد الفنانان ذلك التجسيد في الصورة كوسيط فني أمّن فضاءً ومادة مختلفة يتجلّى فيه تمازج الشخصيتين. شخصية أبو شقرا تصبح مادة الصورة التي تنتجها شخصية شرّي، لكن الرومانسية المسيطرة على المعرض تقف عائقاً أمام تطور طروحاته، فتغرقه في ثقل مراجعه الثقافية الهجينة. تجهيز ولوحات شيرين أبو شقرا يوحيان بنفحة باروكية ممزوجة بالبوهيمية، بزركشتها وفوضويتها وحلمها. أما علي شري، فيعيدنا بشاشات موزعة في كل مكان وأسلاك كهربائية ضمن شبكات عنكبوتية، ونوعية صورة بالاشعة السينية، إلى الانبهار الطفولي الأول بعالم التكنولوجيا. الزمانان محفوفان بالرومانسية والنوستالجيا إلى زمن يتوق إلى خلق حالة من الحلم أو الخيال، يبحث خارج الملموس عن ملجأ للحب. رغم أن البحث عن جسد ما للحب وسط جميع تلك المواد العضوية والإلكترونية هو أمر مشوّق، ورغم أن الأغراض التي أنتجها البحث تتمتع بجمالية حالمة، إلا أنّ الفنانين لم يتمكنا من الوصول فعلاً إلى خلق فضاء ثالث بينهما... كأنهما قدما مرحلة من البحث يمكنها أن تتطور وتتخمر أكثر لتصل إلى مبتغاها. تبقى تجربة تقديم معرض مشترك بين فنانين معاصرين، تجربة مشوّقة ومطلوبة جداً رغم تعقيداتها.










لندعم Visualizing Palestine

أطلقت مجموعة Visualizing Palestine في الأمس حملة دعم على موقع Indiegogo تحت عنوان لأجل العدالة  #4JUSTICE. خلال نهار واحد إستطاعت الحملة أن تحصد حوالي 7000 $، والهدف الوصول إلى 60000 $. المبلغ ليس أبداً بالكثير نسبة إلى الأثر الكبير الذي تتركه مشاريعها على الرأي العام وصناع القرار في العالم. علينا جميعاً أن نساعد  Visualizing Palestine لكي يتابعوا العمل العظيم الذين يقدمونه. 

الموقع الإلكتروني للحملة : 
http://www.indiegogo.com/projects/visualizing-palestine-visual-stories-for-social-justice

وهنا تجدون العمل الأخير الذي قدمته المجموعة : 





فسحة للكتابة: قليل من الخيال قبل فوات الأوان


فيما كنت أقلّب الشاشات التلفزيونية صباح السبت، إستوقفتني نبرة الصحافية والباحثة الطرابلسية نهلة الشهال في حوارها مع بسام أبو زيد على شاشة LBC. بالرغم من وجهها المبتسم، كانت تنهره كلما لجأ إلى ترداد العبارات الطنانة، والحشو الصحافي. لا مجال لتضييع الوقت وتعبئة الهواء التلفزيوني بكلمات وعبارات وتحليلات يعرفها الجميع، ويرددونها دائماً.
بالرغم من أنني إستهديت إلى الحوار خلال دقائقه الأخيرة، لكنه كان واضحاً أن الشهال أتت لتعلن حالة الطوارئ، مستعرضة بحسب رأيها ما نحن بحاجة إليه اليوم في لبنان لكي نتفادى مصيبة أكبر من التي نعيشها. تحدثت بإصرار عن حاجتنا للتوافق كلبنانيين في ما بيننا، ولم تقصد مجرد طاولة حوار جديدة، بل توافقاً عاماً بين جميع اللبنانيين على أننا نعيش على فوهة بركان، والتوجه حالاً إلى إيجاد حلول، وحاجتنا إلى طروحات ذكية وإلى أفعال وخطابيات بعيدة عن الشحن السلبي والعنصري. لكن عبارة واحدة إستوقفتني بشدة خلال حديثها حين قالت ”إننا بحاجة إلى الخيال“. نعم ما نفتقده اليوم في ذلك الزمن المرير في العالم العربي هو الخيال. جميعنا بارعون في التحليلات السياسية والعسكرية والإستراتجية، التي عبرها بررنا لأنفسنا وقوفنا مع هذا أو ذاك، وتبنيّنا مشروعاً هنا وخطاباً هناك. وخلال السنوات الأخيرة شهدنا نحن اللبنانيين ثورات وسقوط أنظمة وقيام غيرها، ومجازر وقتلاً وتفجيرات، وكنا نحللها ونناقشها ونرفع الصوت ونتصادم ضمن فقاعاتنا الحقيقية أو الإفتراضية، متعامين عن واقعنا المأساوي. إلى أن حدث ما حدث في سوريا، وتدخل من تدخل من اللبنانيين هنا وهنالك، وتوافد اللاجئيين السوريين بكثرة إلى لبنان بحيث صار من المستحيل على أي لبناني أن يدعي أنه بمأنى عما يحدث في العالم العربي. وأتت تفجيرات الرويس وطرابلس لتلغي أي إحتمال بالحيادية التي تعتبر من أهم هوايات اللبنانيين بعد الشوبينغ والتنظير السياسي. نعم إنّ العالم العربي يمرّ في مخاض رهيب، ونعم إنه زمن صعود ونزول الإسلام السياسي والتكفيريين وغيرهم، ونعم إن الشعوب العربية التي ركدت لزمن طويل تتحرك، ونعم إن المسألة مسألة خريطة جديدة للشرق الأوسط الجديد، ولخريطة الغاز الجديدة، ولعبة نفوذ الدول الكبرى في المنطقة، وإسرائيل. ولكنها أولاً وأخيراً السنوات الأكثر دمويةً وقتلاً وبشاعةً وحقداً عرفها العالم العربي. إننا نعيش في حضيض الإنسانية، وجميعنا مسؤول عن إنحدارنا إلى ذلك الدرك من الإنحطاط. ما عدنا نستطيع عدّ أرقام الموتى، ولا معرفة أساميهم، ولا حتى جدران المدن عادت تتسع إلى أوراق النعوى. أصبح الموت خفيفاً كخفة إنسانيتنا المعدومة. فما العمل؟ لا لن أضيء شمعة في إحدى ساحات الدول العربية ولن أوشح صورتي بالأسود على مواقع التواصل الإجتماعي، ولن أتظاهر وأعتصم وأندد وأستنكر وأشجب، لأن جميع تلك الأفعال إنما هي أفعال سلبية تنتج كردة فعل على أفعال ولغة لا أفهمها ولا أجيد مفرداتها والأهم لم أخترها. إنما عليّ أن أفعل. نعم ينقصنا الخيال لأننا لا نفعل بل نتلقى ولا نقدم سوى ردة فعل. كفى إحتفالاً بالموت، وكفى إنحداراً بالإنسانية. وليست تلك الصرخة مناداةً إلى حيادية جديدة وإنفصالاً عن الواقع، بل إلى الفعل. أين هم المثقفون العرب اليوم؟ لا بل وبالتحديد أين هم المثقفون الشباب اللبنانيون اليوم؟ لماذا نتفرج على ما يحدث ونحن صامتون؟ لماذا نسمح لخطاباتهم وأفعالهم العفنة بأن ترسم حاضرنا ومستقبلنا؟ لماذا رضينا بأن نكون سلبيين ومهمشين؟ أليس لدينا تصور وطرح وخطاب أفضل لحياتنا؟ أي دور يلعبه اليوم المثقف الشاب اللبناني، من فنانين ومفكرين وأدباء وناشطين، في وجه خطاب الموت والحقد المسيطر علينا؟ ألسنا نحن المسؤولين عن صنع خطاب اليوم الذي يمثلنا؟ فلنحتل الميديا ولنفرض خطابنا. أين هم فرانز فانون وجان بول سارتر وألبير كامو وإدوارد سعيد اليوم؟ على المثقف اللبناني اليوم مسؤوليةً ودوراً كبيراً لا يمكن أن يتهرب منه، ولن يرحمه التاريخ في ما بعد. إننا جميعاً على يقين بأن لبنان يلاعب الحرب والموت، وبأنه إن لم يشتعل عن بكرة أبيه بعد لأنّ الوقت العالمي لم يحن ولكنه لم يعد بعيداً. الحرب قادمة والموت قادم، فماذا ننتظر؟ أم أننا نهوى كتابة القصائد التي ترثي شهداء المجازر؟ الحل ليس في يد السياسيين خاصة في بلد مثل لبنان يعتاش سياسيّوه على شحن وتجويع وموت شعبه. بل نحن المسؤولون عن مصير البلد. وهم لا ينقصهم الخيال، بل لطالما أبرعوا في تحويل جرائمهم إلى مشاريع سياسية. إنما نحن من ينقصنا الخيال، ومن لم يستطع حتى اليوم إيجاد خطاب وطرح وفعل مقنع يطغو على مشاريعهم القائمة على حقد الآخر. ولكن إلى أن يتطور طرحنا الخاص، فلنغزو اليوم خطاباتهم بأفكارنا المتعددة والمتناقضة حتى، التي قد لا تنجح في التغلب عليهم، ولكن على الأقل فلنشوش عليهم. لنكتب مقالات ونرسلها إلى الصحف اللبنانية، ونقحم أنفسنا في برامجهم التلفزيونية، لكي نكرس مساحة لنا ولصوتنا. ولما لا ننشئ إصداراتنا وصحفنا وراديوهاتنا وقنواتنا إسوة بالمثقفين الذين سبقونا في سائر الحروب السابقة. إنه أصبح من الضروري أن نخلق تلك الخاصة في حياة ذلك البلد، قبل أن نجد أنفسنا إما خارجه أم أمواتاً.

نشر في جريدة الأخبار 

Q&A about "Objects in Mirror Are Closer Than they Appear" for Videobrasil 18th edition online platform


1. What was your research work like on creating Objects in Mirror Are Closer Than they Appear?
In making this video, I was interested in producing an image of Beirut, a city that I had got to know through the television as a child. I moved to Beirut in 2001 to pursue my university degree. Beirut, the lived city of 2001 was different from the televised city of my childhood. I decided to create my personal contemporary footage of the city in order to understand it.
I opted to use my iPhone to produce this footage, as I didn’t intend to stage my findings in professional set-up. The aim was to document my existence in Beirut, instead. As my comprehension of the city, through television, was mainly of interior spaces in studios or nightlife venues, I decided to take outdoor shots of spaces in the city. I later realized that I actually was not interested in these pieces of footage, and was more naturally inclined to document the city through my own interiors, parties and micro-scale conversations with confined space. In doing so, archival footage from my childhood became relevant again, in defining my perception of the city, but I was persistent that all material that would be used in producing my personal contemporary image Beirut were to be shot in the “now”. Any archival footage would be re-shot with my iPhone as it played on the television screen.
Another layer of the video is the parameter of accessibility of Beirut, the televised city. I was able to reach Beirut and produce my own interpretive image of it, but what is the contemporary image of Beirut to those who can’t? In order to harvest this information, I held audio-recorded conversations with some of my Palestinian friends on different trips where we would meet in Jordan, and ask them about their idea of Beirut. These conversations lead to my curiosity of how their Palestinian cities looked like, hence commissioned them to shoot their own footage of their contemporary cities.
The filtration process of this amount of sporadic material needed to be liable to the idea of the existence of the city in perception versus reality. The construction of the video processes a confused map of Beirut, dwindling and reappearing between different logics of maneuver, concerning constructed imagery versus experience. The outcome became an installation that produces physical obstacles to perceiving a whole image of the city, forcing the viewer to construct their own representations of a potential Beirut.    
2. Which aspects of your creative process would you like highlight (aesthetical, ethical, poetical, political etc.)?
I think that one of the main aspects that I wanted to experiment with in this project was the physics of perceiving footage. As an artist with different work in video and performance art, I was interested in creating a work that physically compliments the conceptual framework of the video. Objects in Mirror Are Closer Than they Appear mainly invests in the distortion of the city within different modes of storytelling. As different narratives of the city exist, it is impossible to look at the city wholly or objectively. In its format, the unattainability of perception of the two video works, super-imposed back-to-back, recreates this dynamic of helplessness and loss in an unaggressive manner reflecting the matter-of-fact impossibility of the discourse at hand.   
3. How do you locate the conception of this piece in relation to your own poetics?
I consider my work constantly related to the subjective constructions of space, using scripted and archived footage to represent notions of the evasive self versus real place. This video presents a dimension of the narrative of the self versus the narrative of the city, their intersection, their outcome, representation and distortion. In this project, my work with archival footage acquired more volume, both conceptually and technically, where archived footage only becomes valid after being recaptured (filmed with an iPhone while playing on screen) in the present. On another hand, the use of video as a designed character within a space, not transferrable wholly on screen pushes my personal discourse of the relationship of a video work with a setting and an audience, and the significance on the overall statement being laid out for discussion.   
4. Which references from the art world or other fields of knowledge have driven the creation of this piece?
I’m not sure there is a direct reference or inspiration that the piece sprouted from. I generally have an interest in the idea of layouts of objects in space that create a relationship between the body of the work and the body of the spectator. Given that my background is in Theatre, setting and space are intrinsic to my thinking process. That being said, staging a metaphysical medium (video) physically as a character, and proposing its viability as a spatial object as opposed to a projection in an auditorium was a conscious choice to expand the ideas of the perception of the city that are present in the work.
5. Further, which dialogues and/or emotional exchanges arose from your creative process?
The process of shooting the footage of Objects in Mirror Are Closer Than they Appear was not staged or scouted, but my day-to-day existence in the city became a more aware one for the period of producing this work. Mundane events became iconic. Simple gestures became worthy of recording and filming. While doing so, this shift of the notion of “understanding the city” became in the foreground of my thinking, distancing myself from the events I shoot. This distance became a gap that allowed me to think of being in this place, as opposed to my usual, normal existence. This gap became a major layer in scripting the final video content and installation.
6. In what way did the social, cultural and political contexts interfere with the development of the work at hand?
The work is a direct conversation with the social, cultural and political contexts of Beirut, the city that is the setting and main character of the video installation. Discretely, the work puts all of this matter into its foreground in a visceral manner, not in an academic discourse. The fact that the footage was shot with an iPhone camera limited the interference of security restrictions to the liberty of the ideas of the video. In the visibility of the real world, I was just a man shooting videos of his everyday life, not an artist having a critical conversation with his city. This created an opportunity to discuss socio-cultural and identity-related topics on a human scale. Society became a dance-floor in a wedding. Sexuality became an underground theatre. Psycho-geography became a mission to find the Casino de Liban. The city became an object in the mirror closer than it appears.   
7. What contemporary and/or historical experiences, fictions, and narratives does your piece address?
This piece addresses contemporary Beirut. It conveys its presence in different consciousnesses. It elaborates on the perception and consumption of space using my personal experience as a vehicle, proposing relevant and relatable narratives in video that are open for deconstruction and reclamation within the space of the installation.

8. In what way do you think that the form and the language adopted in conceiving this piece structure out and convey those issues?
The aesthetic choice of the video, being shot with an iPhone camera creates an aesthetic common to informal everyday consumption of the city, liaising the artwork, the artist and the viewer automatically within this familiar medium. The structural choice and layout of the video installation creates a system where the viewer and the “familiar” video are in a sort of confrontation, where the viewer is allowed to edit and re-edit their narratives of the city indefinitely without the consent of the city or the artist. Both of these terms reinforce the ideas of the relationship of the city, the idea of the city, and its people as being fluid and indefinite. This viewpoint to the city, constructed by the form and language of this video installation, create a conductive medium for what is being conversed. 

Click here for a preview of the video installation