علي شرّي يقيس زلازل لبنان... الآتية


يشارك علي شري بفيلم قصير هو «القلق» (The Disquiet) يُعرض اليوم ضمن فعاليات «مهرجان دبي السينمائي الدولي». فيلم جديد مدعوم إنتاجياً من «الصندوق العربي للثقافة والفنون - آفاق» كان قد قدمه الفنان اللبناني في «مهرجان تورونتو» في أيلول (سبتمبر) الماضي. إنه شريط عن الكارثة، حيث يقودنا شرّي في البداية إلى تاريخ لبنان المليء بالزلازل والهزات الأرضية. يعيد سرد تاريخ بلد شهد دمار عدد كبير من مناطقه ومدنه إثر زلازل ضخمة ضربته على مرّ السنين.
زلازل سبّبت كوارث في الماضي، وتعد بكوارث أخرى في المستقبل، فموقع لبنان الجغرافي يبقيه معرّضاً لزلازل جديدة وربما لتسونامي يطمر مدنه الساحلية بأسرها يوماً. أمام كوارث لا يمكن وصفها أو حصرها، قرر علي شرّي أن يدع لجهاز قياس الزلازل مساحة كبيرة في فيلمه، مساحة لكتابة نص الكارثة. بين مشاهد الدمار من الأرشيف ومشاهد للمخرج (مخفي خلف الكاميرا) يهيم في الأرض بحثاً عن آثار الكارثة، تترافق الصورة في الفيلم مع نصوص يرويها شرّي من كتابته وسحر مندور، إضافةً إلى نصوص لماثيو غومبيرت، وموريس بلانشو.
يقدم «القلق» الكارثة ضمن قالب علمي يحاول أن يحصرها لعله يتمكن من فهمها. أمام عجز اللغة عن وصف هول الكارثة، تصبح الخطوط التي يرسمها جهاز قياس الزلازل الأبلغ في التعبير عنها، أو على الأقل في رسمها وهي في طور الحدوث. يفتتح «القلق» على مشهد نهر ذي مياه حمراء. يعيدنا ذلك المشهد إلى لحظة تولى فيها أفراد تلوين مياه نهر بيروت بمادة حمراء كتنبيه لكمية الدماء المراقة في سوريا في كل يوم، لكن في ظل الحروب والمصائب التي تعيشها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، يختار علي شرّي أن لا يتكلم في السياسة، بل أن يذكرنا بأننا في لبنان نعيش على خط زلازل قد يتحرك في أي لحظة ويبتلعنا جميعاً. لا يتحدث عن الكوارث التي تسببها الحروب والمجازر والقتل، بل يتحدث عن كارثة أكبر، لا تميز بين طرف سياسي أو قضية أو حق أو باطل. فعل لا يلغي كارثة الحروب، بل يدفعنا إلى مقاربتها من زاوية مختلفة. علي شرّي كان قد شارك أخيراً في بينالي Videobrasil في ساو باولو، حيث عرض تجهيزه الفني «أنابيب الأحلام»، وحاز إحدى جوائز المهرجان. أما «فيديو برازيل» المخصص لعرض أعمال فنانين من البلدان الجنوبية في الكرة الأرضية، فقد انطلق في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، ويستمر حتى شباط (فبراير) ٢٠١٤. إلى جانب علي شرّي، يشارك كل من أكرم زعتري، وهايغ أيفازيان، وكاتب هذه السطور من لبنان، ومحمود خالد من مصر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق