عذراً أيها السوريون


لقد تركتم بلادكم، وبيوتكم وأرضكم هرباً من الظلم فقررنا أن نستقبلكم بعنصريتنا. عندما قام بعض الأفراد منكم بسرقة أو بإرتكاب أي جريمة، فبدلاً من أن نكتفي بإعتقال هؤلاء الأفراد ومحاكمتهم كما يجب أن يحصل في أيّ بلد يحكمه القانون، قررنا في بعض قرانا أن ننزل عقاباً جماعياً بكم ونفرض عليكم حظر تجوّل بعد الساعة السادسة مساءً.
وعندما قامت جماعات إرهابيّة متطرفة مثل "النصرة" و"داعش" المؤلفة من سوريين كما من لبنانيين وعراقيين وجنسيات عربيّة وأجنبية أخرى بخطف وذبح اللبنانيين كما حصل بكم وبأقربائكم في سوريا قبل أن تلجأوا إلى لبنان، قمنا بالتهجم على أيّ سوريّ أكان في منزله، أو في وسائل النقل العام، أو حتى سائراً على أقدامه في الطريق، وضربناه وسحلناه وقتلناه. علماً أن لبنانيّين مجرمين هما من ذبحا أحد الجنديين، ولكن العنصرية لا بصيرة لها. عذراً أيها السوريون، لأننا نسينا أننا أيضاً عشنا حروباً، وتشردنا، وتعرضنا للعنصرية والذل في البلدان التي لجأنا إليها. عذراً، لأننا نمتعض من إجرام "داعش" ولكننا لا نرى في عنصريتنا إجراماً. عذراً لأننا نستنكر كل يوم العقاب الجماعي الذي تنزله إسرائيل بالشعب الفلسطينيّ ولكننا لا نرى في حكمنا الجماعي عليكم خطأً.
إننا نمتعض من كثرتكم في بلادنا، ومن زحمة سياراتكم في شوارعنا، ومن لهجتكم التي تملأ مقاهينا. فنحن لا نوّد سماع تلك اللهجة إلا في علب تلفزيوناتنا. عودوا إلى وطنكم، عودوا إلى إستوديوهات الدبلجة، فنحن غير مستعدين لتحملكم في أزمتكم ونكبتكم، بل كل ما نريده هو أن نعيد إلقاء النكات على الحماصنة.
وإعلموا أن عنصريتنا ليست بجديدة ولم تولد مع لجوئكم إلى بلادنا، بل تمرّنا على ممارستها لسنوات طويلة على جميع العمال الأجانب في بيوتنا. لا بل إننا شعب طوّر مهارات في العنصرية، ولطالما إعتبرنا أن المآسي التي تجري في القرى والمدن البعيدة عن العاصمة لا تعنينا بشكل مباشر، وطبعاً لا تعني الدولة اللبنانيّة. عذراً، لأننا وإن ندعي أننا في لبنان متقدمون عليكم، وأكثر إنفتاحاً وتقبلاً للآخر، إلاّ أنه وراء تلك القشرة الزائفة من التحضّر تسيطر علينا غرائزنا، وقبليتنا، وطوائفنا، وحقدنا للآخر.
ولكن كما أنتم لستم جميعاً لصوصاً ومجرمين، كذلك بين اللبنانيين من لا يزال يرحبّ بكم، ويفتح داره وقلبه لكم. تلك هي دياركم، ونحن أهلكم، ليس فقط بحكم قرب البلدين جغرافياً وثقافياً والقرابة التاريخية بيننا، ولكن بحكم الإنسانيّة.

أنا، روي ديب، مواطن شاب لبنانيّ، لا أنتمي إلى أي طائفة، ولا أقدم الولاء إلى أي حزب من الأحزاب السياسية في لبنان، ولا يمثلّني أي من السياسيين اللبنانيين، أرفض وأدين الإجرام الذي لا جنسية له الذي يحلّ بكم وبنا، وأقدم إعتذاري إلى كل سوريّ لاجئ في لبنان تعرّض لأي نوع من العنصرية اللفظية أو الجسدية على يدّ أيّ لبناني آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق