Apocalypse من بيروت إلى دمشق



الملك كازيمودو - فادي اليازجي
روي أنّه سمع صوتاً أخيراً يصرخ في شوارع بيروت محذراً من كارثة ستحل بالمدينة. زعم ذلك الصوت أنّه في ليلة سوداء، سيخرج إلى شوارع بيروت «الملك كازيمودو» (فادي اليازجي) بجسده الثقيل ورأسه الضخم ليخطو فوق المدينة مدمراً كل ما أعاد اللبنانيون بناءه بعد الحرب الأهلية، مالئاً الشوارع ببراز أسود تفوح منه رائحة تتخطى بنتانتها عنصرية اللبنانيين وكراهيتهم المتفشية داخل منازلهم وشوارعهم، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
سيتوجه الملك إلى صخرة الروشة. على ظهرها، سينادي الأمواج كي تغمر المدينة، فيهتاج البحر وتتلبد السماء كما في لوحات مايكل بيبرستاين. وستنقضّ الأمواج على اليابسة، فتقضي على معالم المدينة.

ثم قال إنّه في تلك الليلة، ستمطر السماء مواد جمرية كتلك التي أمطرها الله على سدوم وعامورة، فتتحول مياه الأنهر إلى مادة غليترية كما في لوحات جون أرمليدر. وستحتبس النباتات في مادة فضيّة (نديم أصفر)، ويتجمد بعض البشر في لوحات قاتمة تكاد تخفي ملامحهم لولا ظلال الأسود الخفية (جيلبير الحاج)، ويتكدسّ الآخرون في علب مربّعة صغيرة على جدارية كبيرة (جان مارك نحاس) ستلف المدينة في سور ضخم يمنع عنها الهواء والضوء. وفي قلب بيروت على أنقاض سوليدير، لن يبقى صامداً ومرتفعاً سوى رجل واحد مسمّر فوق الصليب، ولن يسمع غير صراخه «لن أترك الحصان وحيداً بعد الآن»، وعند رجليه حمار أسود يدور بين الأطلال ويقتات رؤوساً مقطّعة ومرمية في زوايا الشوارع.

لكن يروى أيضاً أنّ الجمع الذي سمع نبوءة ذلك الصوت، اغتاظ غيظاً شديداً، فانهال عليه بالضرب والشتيمة، ثم سحلوه في شوارع المدينة، وقتلوه ورموا جثته المنكّلة في البحر، حيث يقال إنّ مار جرجس قتل يوماً التنين. وقبل أن يلفظ أنفاسه، نطق الصوت بنبوءة أخيرة عن مدينة مجاورة تدعى دمشق. 
أعلمَ الجمع أن تلك المدينة اكتسبت اسمها من الجريمة الأولى للإنسانية، حين قتل قايين أخاه هابيل، فسال دمه وشقّ الأرض، فدعيت «دم شقّ». ستستفيق يوماً على ريشة يوسف عبدلكي ترسم فوق «الصحن» الذي يأكلون منه خطوطاً حمر عشوائية. ستستجمع الأرض الدماء التي شربتها منذ الجريمة الأولى حتى اليوم وستقذفه إلى السطح. وسيغمر فيضان الدماء شوارع الشام، فيضان لم تشهده البشرية منذ أيام نوح. وذلك سوف يكون في اليوم الأسود التاسع. لكن في انتظار تحقق النبوءة، إنّها علامات ستظهر في لوحات وصور في معارض فنيّة هنا وهناك.


«تسعة ظلال سوداء»: حتى ١٤ حزيران (يونيو) ـ «غاليري تانيت» (مار مخايل) ــ 76/557662




الصحن - يوسف عبدلكي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق